نص الحديث

الفهرس

المؤلفات

  الحديث الشريف

الصفحة الرئيسية

 

(فما كانت الساعة وإذا بولدي الحسين قد أقبل) (29)

استيفاء البيان

مسألة: يستحب استيفاء البيان وإكمال الإفادة، ومنه: إتمام ذكر الحديث أو القصة وعدم تركها ناقصة. كما فعلت الزهراء (سلام الله عليها) حيث ذكرت الحديث من أوله إلى آخره، فإن ذلك من الإتقان، إضافة إلى ما له من الرجحان بلحاظ الفائدة، وقد سبق نظيره.

نعم قد يقتضي بعض الأمور الخارجية أو الداخلية عدم ذكر القصة بكاملها، كما نجد ذلك في القصص القرآنية، حيث إن الله سبحانه وتعالى وزع القصة في أماكن متعددة، وذكر في كل مرة جانباً من جوانب القصة مثلاً: في قصة النبي موسى (عليه السلام) والسحرة ذكر مرة: ((كَأَنَّها جَانٌّ))[1] وذكر مرة: ((حية))[2] وأخرى ((ثعبان))[3] وما أشبه ذلك باعتبار أحوال الحية المختلفة، فالجان حية صغيرة سريعة الحركة كأنها الجن، بينما ليست الحيّة كذلك، والثعبان يقال بلحاظ (ابتلاعها).

وهكذا في سائر قصص القرآن الحكيم، كقصة إبراهيم (عليه السلام) ونوح (عليه السلام) وعيسى (عليه السلام) وغيرهم.

وقد يكون عدم البيان الكامل بسبب مانع خارجي، كما ان علياً (عليه الصلاة والسلام) لم يكمل الخطبة الشقشقية، حيث دفع إليه شخص كتاباً فجعل ينظر فيه، فقال ابن عباس: يا أمير المؤمنين لو اطردت في خطبتك من حيث أفضيت فقال: هيهات إنها شقشقة هدرت ثم قرّت[4].

لا يقال: لقد استنفد الإمام (عليه السلام) غرضه من الخطبة، فلم يكن هناك مجال لطلب ابن عباس منه كي يواصل الحديث، لأنه (عليه السلام) تحدث عن عهد الحكام الثلاثة الذين كانوا قبله.

لأنه يقال: هذا الكلام غير صحيح، لإمكان أن يكون الإمام (عليه السلام) بصدد بيان الأحداث الأخرى، أو الملاحم التي سوف تقع بعده أو تفصيل ما ذكره.

أما لماذا سكت الإمام (عليه السلام) فلأنه رأى فوت الفرصة بسبب قطع خطبته، إذ لابد أن يكون للخطبة موالاة ومتابعة، فإذا فاتت الموالاة، كان الإستمرار في الكلام خلاف البلاغة.

ولربما كانت جهة أخرى لذلك، والله العالم.

[1] القصص: 31.

[2] طه: 20.

[3] العراف: 107.

[4] نهج البلاغة: الخطبة 3 (الخطبة الشقشقية).