نص الحديث

الفهرس

المؤلفات

  الحديث الشريف

الصفحة الرئيسية

 

(فقال الله) (65)

كلام الله سبحانه[1]

مسألة: يجب الاعتقاد بأن الله تعالى متكلم بالمعنى الصحيح لذلك، وقد ثبت في علم الكلام: إن الله سبحانه وتعالى لا يتكلم كتكلمنا بفم وشبهه لاستحالة ذلك في حقه لأنه تعالى ليس بجسم، ولا هواء هناك، إلى غير ذلك من شرائط الكلام المعهود المفقودة في ساحته المقدسة.

بل يراد بالقول: إما خلق الصوت كما التزموا بذلك في قوله سبحانه ((وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً))[2] وإما إيجاد علامة دالّة على ذلك في اللوح بسبب القلم، وقد روى الصدوق (قدس سره) أإ (اللوح والقلم ملكان)[3] أو ما أشبه ذلك.

وقد ألمعنا سابقاً إلى أن القول في اللغة العربية يطلق على اللفظ وعلى الفعل[4]، ولذا يقولون: (قال بيده كذا) فيما أشار بيده، و (قال برأسه كذا) فيما أشار برأسه، و (قال برجله) إذا مشى، وكذا بالنسبة إلى الكتابة ولذا يقولون: قال المفيد (قده) وقال الصدوق (قده)، مع أنهما إنما كتبا ذلك المنقول عنهما في كتبهما، ولا لفظ ولا إشارة بإحدى الجوارح ههنا.

والفاء في (فقال الله) تكشف عن مدى قرب الرسول (صلى الله عليه وآله) من الله سبحانه وتعالى، حيث استجاب له دعاءه دون إبطاء، إذ الفاء للترتيب باتصال.

لا يقال: أحياناً لا يؤتى حتى بالفاء، كما في قوله سبحانه: ((ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)) فلم يقل هناك: فأستجب لكم[5]، فلماذا جاء بالفاء هنا؟[6]

لأنه يقال: لعل الوجه في الإتيان بالفاء ههنا، الإشارة إلى تعقب طلبه ودعائه (صلى الله عليه وآله) بإحضار الله سبحانه وتعالى الملائكة ـ ولو إحضاراً قلبياً وإلفاتياً ـ وبعدها كان تكلمه تعالى بهذا الكلام، فتكون الفاء للإشارة إلى هذا الإحضار، مع وضوح أن الملائكة بكثرة هائلة بحيث لا يعلم أعدادهم ومواقعهم وخصوصياتهم النفسية وغيرها، إلاّ الله سبحانه وتعالى، فإنه وإن كان من الممكن بالنسبة إليه سبحانه وتعالى أن يلفتهم إلى ذلك في جزء من لحظة، إلاّ أنه ربما يكون قد أشار بالفاء إلى هذا الإحضار المتوسط بين الدعاء وبين الإستجابة[7].

[1] حول هذا المبحث راجع شرح التجريد وشرح المنظومة للإمام المؤلف (قدس سره).

[2] النساء: 164.

[3] اعتقادات الشيخ الصدوق: 44ب 12 ط قم.

[4] ولو فرض كون هذا الإطلاق مجازياً للتبادر، ولعدم الالتزام بالوضع التعيني اللاحق فإنه لا بد منه ههنا بعد تعذر الحقيقة كما لا يخفى.

[5] غافر: 60.

[6] مع دلالتها على نوع من الترتيب أو التعقيب والمكث، وإن كان قليلاً جداً، إذ هي في قبال ثم، للترتيب باتصال، لا في قبال عدم الفصل بشيء أبدا (بين المقدم والتالي).

[7] المشعر بنوع من الفصل والتعقب.