نص الحديث

الفهرس

المؤلفات

  الحديث الشريف

الصفحة الرئيسية

 

(عزّ وجلّ) (66)

معنى العزة والجلالة

مسألة: يستحب أن يردف اسم الجلالة، بما يدل على التجليل والتعظيم، مثل كلمة (عز وجل) كما قالت (سلام الله عليها): (فقال الله عز وجل).

وكذا كلمة: (تبارك اسمه) و (تعالى جده) و (عز من قائل)، وما أشبه ذلك.

وهل كلمة (عز وجل) أقوى دلالة من تلك الكلمات، أو أنها متساوية، وإنما ذكرت (عليها الصلاة والسلام) هذه الكلمة من باب أحد المصاديق؟ احتمالان.

ثم إن العزة عبارة عن قلة الوجود[1] وكثرة الفائدة والرفعة والقوة والغلبة[2] ولذا لا يقال للماء: عزيز فيما إذا كان متوافراً أو قليل الفائدة[3]، وكذلك لا يقال للهواء أو الشمس ذلك، وحيث إن الله سبحانه وتعالى متفرد ليس كمثله شيء، ورفيع وقوي وغالب فهو العزيز الأوحد، ولذا قال سبحانه: ((مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَللهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً))[4] لوضوح ان كل عزة في الكون فمن فضل الله تعالى، حتى العزة الظاهرية لمن لا يستحق العزة الحقيقية كالملوك الجبابرة.

ومعنى (جل): إنه عظم عن إدراك الإنسان له بالعين أو بالظن أو بالوهم وشبه ذلك، إذ من الواضح أن ذلك من المحال، إذ لا يمكن استيعاب الإنسان المحدود لغير المحدود، وهو الله سبحانه وتعالى، فلا يعقل أن يستوعب المتناهي اللامتناهي.

وهذا أبعد من استيعاب الصغير للكبير كستيعاب الآنية لماء البحر، إذ كلا الطرفين محدود، وما نحن فيه، أحدهما غير محدود، وكلا القسمين وإن كان محالاً إلاّ أن للمحال أيضاً مراتب، فبعضها أشد (أو أوضح) استحالة من بعض[5]، كما ان للممكن أيضاً مراتب[6] وإن كان هذا الكلام من ضيق اللفظ وإلاّ فالمحال محال، والممكن ممكن على أي حال، فليتأمل.

[1] عز: قل فلا يكاد يوجد، والعزيز النادر.

[2] (العزيز): القوي الغالب على كل شيء والممتنع فلا يغلبه شيء والذي ليس كمثله شيء و(العزة): الشدة، الغلبة، الرفعة، الامتناع، القوة، قلة الشيء حتى لا يكاد يوجد، قال في لسان العرب: وهذا جامع لكل شيء.

[3] قد يكون هذا بلحاظ المتفاهم العرفي أو بلحاظ الدلالة الإلتزامية.

[4] فاطر: 10.

[5] يمكن التمثيل له بتسلسل الآحاد والعشرات فكلاهما لا متناهي إلاّ ان أحدهما أكثر من الآخر وكلاهما محال، وكذا تسلسل المتناقضين ـ أي سلسلة حلقاتها عبارة عن نقيضين مجتمعين ـ وتسلسل غيرهما إذ الأول محال في محال.

[6] ربما يكون المراد الإمكان الوقوعي، وربما يكون مبنياً على أصالة الوجود، فيكون الإمكان فقرياً ذا مراتب، اما على أصالة الماهية وتفسير الممكن بالمتساوي النسبة للطرفين، فلا محيص عن الالتزام بكون المراد الوقوعي، فتأمل.