نص الحديث

الفهرس

المؤلفات

  الحديث الشريف

الصفحة الرئيسية

 

(واسغفرت لهم) (106)

استحباب الإستغفار للآخرين

مسألة: يستحب الإستغفار للآخرين.

وفي الحديث: إن الإنسان لو دعا لأخيه بظهر الغيب، قالت له الملائكة: ولك ضعف ذلك، ومن المعلوم إن الإستغفار دعاء في حق الغير بغفران ذنبه وستر عيبه.

ولا يخفى إن هناك فرقاً بين الإستغفار والتوبة، فإن الغفران ستر، والإستغفار طلب للستر، والتوبة رجوع، ولذا ورد في الأحاديث: الإستغفار إلى جانب التوبة في عبارتين، مثل: (أستغفر الله) و (أتوب إلى الله) أو في عبارة واحدة مثل: (أستغفر الله وأتوب إليه).

الإستغفار

مسألة: يستحب الإستغفار مطلقاً، وقد يجب، ولقد كان من لطفه تعالى وعموم فضله ورحمته، إن جعل (الإستغفار) سبباً لمحو الذنوب والعودة إلى الله فوراً، بل ان للإستغفار أثر وضعي في هذه الدنيا أيضاً ((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً *وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً))[1].

التسبيب للإستغفار

مسألة: يستحب التسبيب لا ستغفار الملائكة بل مطلق الغير، للإنسان، بأن يقوم بما يوجب ذلك، فإنه مستفاد عرفاً من هذه الجملة، وإن لم تكن بالدلالات الثلاث المنطقية، لأن الدلالة لا تنحصر فيها، وقد تقدم الإلماع إلى أنه بدلالة الإقتضاء العرفي[2] لا الإصطلاحي.

هل الجزاء على السعي أم لا؟

وحيث إن التواجد والحضور[3] من فعل الإنسان وسعيه، فلا يستشكل على استغفار الملائكه له لأجله، فلا يقال: إنه مناف لقوله سبحانه: ((أَنْ لَيْسَ لِلإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى))[4] أو قوله تعالى: ((كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ))[5] وما أشبه ذلك؟

لا يقال: هذا تمام في من حضر اختياراً، فلا يتم في الذين حضروا اضطراراً، كما إذا كانوا في السجن وأحدهم قرأ حديث الكساء دون طلب من الحاضرين، بل ومع عدم رغبة منهم لا شتغالهم بدراسة أو مطالعة أو ما أشبه ذلك.

لأنه يقال: ذلك يفهم بالملاك أو بالإطلاق، وحينئذ يكون الجواب عن الآية، ما سيأتي من أحد الوجهين.

نعم إذا كره الذكر، فالظاهر أن الفائدة لا تشمله وإن احتمل كون بعضها كالأثر الوضعي، بخلاف النائم والصبي والمغمى عليه وما أشبه.

وقد ذكرنا في بعض مباحث الفقه: إن أمثال ذلك استثناء من الآيتين بالدليل الخاص تفضلا ً منه تعالى، أو يقال: إن هذه الآثار الخيرية إنما هي ببركة أولئك الأطهار (عليهم السلام)، فهو امتداد لسعيهم (عليهم السلام) وذلك كما أن الإرث فائدة تتوجه للإنسان بسبب القرابة، وإن لم يكن من سعي نفس الوارث، وهناك أجوبة أخرى ذكرناها في محلها[6].

[1] نوح: 11 ـ 12.

[2] ترتيب (واستغفرت لهم الملائكة) على (ما ذكر خبرنا) معلول رجحان استغفار الملائكة وارادة الله للمثوبة، والتسبيب مقدمة لهذا الراجح.

[3] المستفاد من (وفيه جمع من شيعتنا).

[4] النجم: 39.

[5] الطور: 21.

[6] تحدث الإمام المؤلف بالتفصيل حول ((وأن ليس للإنسان إلاّ ما سعى)) [النجم: 39] في (الفقه: الإقتصاد) وغيره.