الفهرس

المؤلفات

  الحديث الشريف

الصفحة الرئيسية

 

باب الألوان والنقوش والوشم

عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): (البياض نصف الحسن). 

وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أبيض أزهر، والخلص من ولد اسماعيل بيض.

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (ان الله خلق الجنة بيضاء وان أحب الثياب الى الله البيض فليلبسها أحياؤكم، وكفنوا فيها موتاكم).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): جاءته امرأة، فقالت: يا رسول الله، اتخذت غنماً رجوت نسلها ورسلها، وإني لا أراها تنمى. فقال: (ما ألوانها؟ قالت: سود. قال: عفري).

وروي: (ان الكبش الذي فدي به إسماعيل (عليه السلام) كان أبيض أعين أقرن، وكنا نتحرى تلك الصفة في أضاحينا).

وفي حديث عيسى (عليه السلام): (تزوجوا الزرق فإن فيها يمنا).

وعن هلال بن عامر عن أبيه: رأيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) يخطب على بغله وعليه برد أحمر، وعلي (عليه السلام) أمامه يعبر عنه.

وعن البراء: (رأيته (صلى الله عليه وآله وسلّم) في حلة حمراء لم أر شيئاً قط أحسن منه).

وعن عبد الله بن عمر: هبطنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) من ثنية، فالتفت وعلي ريطة مضرجة بالعصفر، فقال: (ما هذه الريطة عليك؟ ويروى: لو ان ثوبك هذا كان في تنور أهلك أو تحت قدر أهلك كان خيراً لك. فأتيت أهلي وهم يسجرون تنوراً لهم فقذفتها فيه. ثم أتيته من الغد فقال: يا عبد الله، ما فعلت الريطة؟ فأخبرته، فقال: أفلا كسوتها أهلك؟ فإنه لا بأس بها للنساء).

وعن رافع بن خديج: خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في سفر، فرأى على رحالنا أكسية فيها خيوط عهن أحمر، فقال: (ألا أرى هذه الحمرة قد علتكم؟ فقمنا سراعاً حتى نفر بعض ابلنا، فأخذنا الأكسية فنزعناها عنها).

وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): (تزوجوا الزرق فان فيها يمناً).

وعن عقبة بن عامر عنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (عليكم بالحناء فانه خضاب الاسلام، انه يصفي البصر، ويذهب بالصداع ويزيد في الباه).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (عليكم بالخضاب، فانه أهيب لعدوكم وأعجب لنسائكم)(1).

باب اللباس والحلي

في وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لأبي ذر: (البس الخشن من الثياب والصفيق منها تذللاً لله، عسى العز والفخر لا يجد فيك مساغاً، وتزين أحياناً في عبادة الله بالشارة الحسنة تعففاً وتكرماً وتجملاً، فإن ذلك لا يضرك، وعسى أن يحدث لك ذكراً).

وعن أنس: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وهو في عباءة له يهنأ بعيراً.

وعنه: رأيته (صلى الله عليه وآله وسلّم) يسم الغنم في آذانها، فرأيته مؤتزراً بكساء.

وكان كم قميص علي (عليه السلام) لا يجاوز أصابعه، ويقول: (ليس للكمين على اليدين فضل. واشترى قميصاً فجاوز  كمه أصابعه، فقطعه، وقال للخياط: خطه).

ورؤي علي (عليه السلام) وعليه إزار خلق مرقوع، فقيل له، فقال: (يخشع له القلب، وتذل به النفس).

وعن المبرد: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يشرع الشيء على غير  جهة التلذذ، ولكن على جهة الاحلال والاستنان، الا ترى أنه لبس حلة كسرى التي اشتراها له الأنصاري، فخطب فيها، ثم نزل فوهبها لأسامة. فيقال: إن أبا سفيان بن حرب لما رأى ذلك جعل ينكره ويقول: أحله كسرى بن هرمز على ابن الشاة؟‍ يعني أسامة، وذلك لأن أسامة ماتت أمه وهو صغير، فغذي بلبن شاة.

وقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): (البس جديداً وعش حميداً).

وكان سليمان (عليه السلام) إذا لبس القميص حكته الشياطين واستهزءوا به، فقال لهم: اعملوا شيئاً ألبسه وأنا أنظر إليكم، فعملوا له القباء، فهو أول من لبسه.

وعن عائشة: كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) يختتم في يمينه، وقبض (صلى الله عليه وآله وسلّم) والخاتم في يمينه.

وذكر السلامي: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان يتختم في يمينه والخلفاء بعده، فنقله معاوية إلى اليسار، فأخذ المروانية بذلك، ثم نقله السفاح إلى اليمين فبقي إلى أيام الرشيد فنقله إلى اليسار، فأخذ الناس بذلك.

وروي عن عمرو بن العاص انه سله يوم التحكيم من يده اليمنى وجعله في اليسرى، وقال: خلعت علياً (عليه السلام) من الخلافة كما خلعت خاتمي من يميني، وجعلتها إلى معاوية كما أدخلت خاتمي يساري.

وعن علي (عليه السلام) عنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (تختموا بخواتيم العقيق فإنه لا يصيب أحدكم غم ما دام ذلك عليه).

وقيل لعمر: لو أخذت حلي الكعبة فجهزت به جيوش المسلمين، وما تصنع الكعبة بالحلي؟ فسأل علياً (عليه السلام)، فقال: (إن القرآن أنزل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) والأموال أربعة: أموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفرائض، والفيء فقسمه على مستحقيه، والخمس فوضعه الله حيث وضعه، والصدقات فجعلها الله حيث جعلها. وكان حلي الكعبة فيها يومئذ فتركه الله على حاله، ولم يتركه نسياناً، ولم يخف عليه مكاناً، فأقره حيث أقره الله ورسوله)، فقال له عمر: لولاك لافتضحنا‍‍ وتركه.

وعن جعفر بن محمد (عليه السلام): (إن المؤمن ليتنعم بتسبيح الحلي عليه في الجنة، في كل مفصل من المؤمن في الجنة ثلاثة أساور من ذهب وفضة ولؤلؤ).

وحذا علي (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) نعلين جديدين، فلما رآهما استحسنهما، فخر ساجداً ثم قال: (أعوذ بنور وجهك أن استحسن شيئاً مما أبغضت، فتصدق بهما ولم يلبسهما).

وعن جابر بن عبد الله: تختم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في يمينه.

وعن ابن عمر: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إذا أراد أن يذكر الشيء أوثق في خاتمه خيطاً.

وعن جعفر بن محمد (عليه السلام): (كان خاتم علي (عليه السلام) من ورق، ونقشه: نعم القادر الله).

وعن جعفر بن محمد (عليه السلام): (ما افتقرت كف تختمت بفيروزج).

وبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) عبد الرحمن بن عوف إلى دومة الجندل، فتخلف عن الجيش، وغدا على رسول الله عليه عمامة خز سوداء، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (ما خلفك عن أصحابك؟ قال: أحببت أن أكون آخرهم عهداً بك. فأجلسه، فنقض العمامة، وعممه بيده وأسدلها بين كتفيه قدر شبر، وقال: هكذا فاعتم يا ابن عوف).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (عليكم بلباس الصوف تجدوا حلاوة الإيمان في قلوبكم، وعليكم بلباس الصوف تجدوا قلة الأكل، وعليكم بلباس الصوف تعرفوا به في الآخرة، فإن النظر في الصوف يورث في القلب التفكر، والتفكر يورث  الحكمة، والحكمة تجري مجرى الدم. فمن كثر تفكره قل طعمه وكل لسانه، ومن قل تفكره كثر طعمه وقسا قلبه، والقلب القاسي بعيد من الله بعيد من الجنة، قريب من النار).

باب الأمراض والعلل

عن عبد الله بن أنيس عنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): إيكم يحب أن يصح فلا يسقم؟ قالوا: كلنا يا رسول الله، قال: أتحبون أن تكونوا كالحمير الصوالة؟ ألا تحبون أن تكونوا أصحاب بلايا وأصحاب كفارات، والذي بعثني بالحق إن الرجل لتكون له الدرجة في الجنة فيبلغها بشيء من عمله، فيبتليه الله ليبلغ درجة لا يبلغها بعمله).

وقال (صلى الله عليه وآله وسلّم): (ما من مسلم يمرض إلا حط الله به خطاياه، كما تحط الشجرة ورقها).

وكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) إذا رأى على جسده البثيرة ابتهل في الدعاء وقال: (إن الله إذا أراد أن يعظم صغيراً عظمه).

وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): (ثلاثة في ظل العرش، عائد المرضى ومشيع الموتى ومعزي الثكلى).

وعن علي (عليه السلام): (ربما أخطأ البصير قصده وأصاب الأعمى رشده).

وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): (ثلاثة لا يعادون، صاحب الدمل والرمد والضرس).

وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): (العيادة قدر فواق(2) ناقة).

وحموا عند فتح خيبر، فشكوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، فقال: (يا أيها الناس، إن الحمى رائد الموت، وسجن الله في الأرض، وقطعة من النار، فإذا وجدتم من ذلك شيئاً فبردوا لها الماء في الشنان، ثم صبوا عليكم فيما بين المغرب والعشاء، ففعلوا ذلك فذهبت عنهم).

وعن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): (ثلاث قليلهن كثير، النار والفقر والمرض).

وعن أنس: دخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) على شاب، وهو في الموت، فقال له: كيف تجدك؟ قال: أرجو الله وأخاف ذنوبي، قال: هما لا يجتمعان في قلب عبد في هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو، وآمنه مما يخاف).

وعن موسى وداود (عليهما السلام): (لا مرض يضنينى، ولا صحة تنسيني، ولكن بين ذلك).

ودخل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) على قيس بن أبي حازم يعوده، فقال: (طهور، فقال: بل حمى تفور، في صدر شيخ كبير، تزيره القبور).

وبعض أهل البيت (عليهم السلام) كان إذا أصابته علة جمع بين ماء زمزم وماء السماء والعسل واستوهب من مهر أهله شيئاً. وكان يقول (عليه السلام): قال الله تعالى:   (ونزلنا من السماء ماء مباركاً)(3)، وقال: (فيه شفاء للناس)(4)، وقال (عليه السلام): ماء زمزم لما شرب له، وقال تعالى: (فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً)(5). فمن جمع بين ما بورك فيه، وما فيه شفاء، وبين الهنيء والمريء، يوشك ان يلقي العافية).

و: (نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن الحجامة في نقرة القفا فإنها تورث النسيان).

و: (أمر أن يستنجى بالماء البارد فإنه صحة من الباسور).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (تداووا فإن الله لم يخلق داء إلا خلق له شفاء إلا السام).

وعن أسامة بن زيد رفعه: (إن الطاعون رجز أرسل على بني إسرائيل، فإذا سمعتم به بأرض فلا تدخلوا عليه، وإذا وقع في أرض فلا تخرجوا فراراً منه).

وعن علي (عليه السلام) عنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (من أتى أخاه المسلم يعوده مشى في خرافة الجنة حتى يجلس، فإذا جلس غمرته الرحمة).

وعن علي عنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (ادهنوا بالبنفسج فإنه بارد في الصيف حار في الشتاء).

وروي عنه (عليه السلام): (عليكم بالزيت فانه يكشف المرة، ويذهب البلغم، ويشد العصب ويذهب بالاعياء، ويحسن الخلق ويطيب النفس، ويذهب بالهم).

وروي عنه (عليه السلام): (إن يكن في شيء شفاء ففي شرطة حجام، أو شربة من عسل).

وطعن في عين قتادة بن النعمان يوم أحد فندرت في وجنته، فردها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، فكانت أحدّ عينيه نظراً وأحسنها، فقال الخرنق الأوسي:

ومنا الذي سالت على الخد عينه        فردت بكـــــف المصطفى أيما رد

فعادت كما كانت لأحسن حالها          فيا طيب ما عين و يا طيب ما يد

وقال علي (عليه السلام) لبعض أصحابه: (جعل الله ما كان من شكواك حطاً لسيئاتك فإن المرض لا أجر فيه، ولكن يحط السيئات ويحتها حت الأوراق، وإنما الأجر في القول باللسان والعمل بالأيدي والأقدام).

ودخل علي (عليه السلام) على صعصعة بن صوحان عائداً، فقال علي (عليه السلام) لصعصعة: (والله ما علمتك إلا خفيف المؤونة، حسن المعونة، فقال صعصعة: وأنت يا أمير المؤمنين، إن الله في عينك لعظيم، وإنك بالمؤمنين لرحيم، وإنك بكتاب الله لعليم. فلما قام ليخرج، قال (عليه السلام): يا صعصعة، لا تجعل عيادتي فخراً على قومك، فـ  (إن الله لا يحب كل مختال فخور ) (6) ).

وروي: (لا تتخذها أبهة على قومك، إن عادك أهل بيت نبيك).

وعن أبي هريرة: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ليرعفن جبار من جبابرة بني أمية على منبري هذا. فرؤي عمرو بن سعيد بن العاص يرعف على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، حتى سال رعافه على درج المنبر.

باب الموت وما يتصل به

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (إذا مات لأحدكم الميت فحسنوا كفنه، وعجلوا إنجاز وصيته، وأعمقوا له في قبره، وجنبوه جار السوء. قيل: يا رسول الله وهل ينفع الجار الصالح في الآخرة؟ قال: هل ينفع في الدنيا؟ قالوا: نعم، قال: فكذلك في الآخرة).

وفي وصيته (صلى الله عليه وآله وسلّم) لأبي ذر: (زر القبور تذكر بها الآخرة، ولاتزرها بالليل، واغسل الموتى يتحرك قلبك، فإن الجسد الخاوي عظة بليغة، وصل على الجنائز لعل ذلك يحزنك، فإن الحزين في ظل الله).

ومر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بمقبرة، فنادى: (يا أهل القبور، الا أخبركم بما حدث بعدكم، تزوج نساؤكم، وبيعت مساكنكم، واقتسمت أموالكم، فهل أنتم مخبرون بما عاينتم؟ ثم قال: ألا انهم لو أذن لهم في الجواب لقالوا: وجدنا خير الزاد التقوى).

وكانت تعزية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (آجركم الله ورحمكم).

وقال (صلى الله عليه وآله وسلّم): (ما تغدون الرقوب فيكم؟ قالوا: الذي لايبقى له ولد: قال: بل الرقوب الذي لم يقدم من ولده شيئا).

وفي الحديث المرفوع: (من يرد الله به خيرا يصب منه).

وعزى شبيب بن شيبة يهوديا: أعطاك الله على مصيبتك أفضل ما أعطى أحدا من أهل ملتك.

وقيل لإبراهيم (عليه السلام): (كيف وجدت الموت؟ قال: كأن النفس تنزع بالسلا، قيل: قد رفقنا بك يا إبراهيم).

ودخل ملك الموت على داود (عليه السلام): (قال من أنت؟ قال: من لا يهاب الملوك، ولا تمنع منه القصور، ولا يقبل الرشى، قال: فإذن أنت ملك الموت، ولم استعد بعد، قال: يا داود، أين فلان جارك؟ أين فلان قرينك؟ قال: مات، قال: أما كان لك في هؤلاء عبرة لتستعد)؟

ولما بلغ معاوية موت الحسن بن علي (عليه السلام)، سجد معاوية وسجد من حوله شكراً، فدخل عليه ابن عباس فقال له: يا ابن عباس أمات أبو محمد؟ قال:  نعم، وبلغني سجودك، والله يا ابن آكلة الكبود لا يسدن حسدك إياه حفرتك،  ولا يزيد انقضاء أجله في عمرك.

وعن عائشة: لما مات عثمان بن مظعون كشف النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) الثوب عن وجهه، فقبل ما بين عينيه، وبكى طويلاً، فلما رفع السرير قال: (طوباك يا عثمان، لم تلبسك الدنيا ولم تلبسها).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (مثل ابن آدم والى جنبه تسع وتسعون منية، فاذا انفعلت منها وقع في الهرم الى أن يموت).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (لو ان الطير والبهائم تعلم من الموت ما تعلمون ما أكلتم منها سمينا).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (لا يتمنّ أحدكم الموت الا من وثق بعلمه).

وعنه (عليه الصلاة والسلام) إنه كان إذا تبع الجنازة أكثر الصمات، ورؤي عليه كآبة، وأكثر حديث النفس.

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (من شيع جنازة فأخذ بجوانب السرير الأربعة غفر له أربعون ذنباً كلها كبيرة).

ولما احتضر إبراهيم (عليه السلام) قال: (هل رأيت خليلاُ يقبض روح خليله؟ فأوحى الله إليه: هل رأيت خليلا يكره لقاء خليله؟ قال: فاقبض روحي الساعة).

ووقف علي (عليه السلام) على منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال: (بأبي أنت وأمي يا رسول الله، والله إن الجزع لقبيح إلا عليك، وإن الصبر لجميل إلا عنك، وإن المصيبة بك لأجل، وإن ما بعدك وما قبلك جلل. ثم قال:

إلا جعــــلت لــلبكا ســـــببـــا

 

ما غاص دمعي عند نازلة

مني الجفون ففاض وانسكبا

 

فإذا ذكرتــــك سامحتك به

مــــن ان أرى سواه مكتئبا

 

إني أجل ثـــــــرى حللت به

ووقف رجل من ولد أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب على قبر الحسن ابن علي (عليه السلام) فقال: أما إن أقدامكم قد نقلت وأعناقكم قد حملت إلى هذا القبر ولياً من أولياء الله، ليسر نبي الله بمقدمه، وتفتح أبواب السماء لروحه، وتبتهج الحور العين بلقائه، وتبشر به سيدات نساء الجنة من أمهاته، ويوحش أهل الحي والدين فقده، رحمة الله عليه، وعند الله تحتسب المصيبة).

وعن أم سلمة: قال لنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيراً فأن الملائكة تؤمن على ما تقولون. فلما مات أبو سلمة أتيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فأخبرته، فقال: قولي اللهم اغفر لي وله، وأعقبني منه عقباً حسناً، فقلت ذلك، فأعقبني الله منه من هو خير منه: رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (كسر عظم المؤمن بعد مماته ككسره في حياته).

ومات ابن للرضا (عليه السلام) فقال أبو العيناء: يا ابن رسول الله، أنت تجل عن عظتنا، وقدرك تقصر عنه صفتنا، وفي علمك بكتاب الله ما كفاك، وفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ما عزاك، وفي ثواب الله ما أسلاك.

وعن علي (عليه السلام): (فاتقى عبد ربه، نصح نفسه، قدم توبته، غلب شهوته، فإن أجله مستور عنه، وأمله خادع له، والشيطان موكل به، يزين له المعصية ليركبها، ويمنيه التوبة ليسوفها، حتى تهجم منيته عليه أغفل ما يكون عنها).

وعنه (عليه السلام): (لقد قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وإن رأسه لعلى صدري، ولقد سالت كفه في كفي فأمررتها على وجهي، ولقد وليت غسله والملائكة أعواني، ملأ يهبط وملأ يعرج، وما فارقت سمعي هنيمة منهم، يصلون عليه، حتى واريناه في ضريحه).

وعنه (عليه السلام): (كانوا قوماً من أهل الدنيا وليسوا من أهلها، فكانوا فيها كمن ليس فيها، يرون أهل الدنيا يعظمون موت أجسادهم، وهم أشد إعظاماً لموت قلوب أحيائهم).

وعنه (عليه السلام): (من ضرب يده على فخذه عند مصيبته حبط أجره).

وعنه (عليه السلام): (الذي يوصي عند الموت كالذي يقسم ماله عند الشبع).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (من حضرته الوفاة فأوصى، وكانت وصيته على كتاب الله، كانت كفارة لما ترك من زكاته في حياته).

وعن الفضل بن عباس: جاء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) موعكاً قد عصب رأسه، فأخذت بيده حتى جلس على المنبر، ثم قال: ناد في الناس، فاجتمعوا، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإنه قد دنا مني خفوق من بين أظهركم، من كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد مني، ومن كنت شتمت له عرضاً فليستقد مني، ومن كنت أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه، ولا يقل أحد أني أخشى الشحناء من رسول الله، ألا ان الشحناء ليست من طبيعتي ولا شأني، ألا وان أحبكم إلي من أخذ حقاً إن كان له، أو حللني فلقيت الله وأنا طيبة نفسي، وقد أرى إن هذا غير مغن عني حتى أقوم فيكم مراراً).

وذكر أنه رجع (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال مثله، وان رجلاً ذكر ان له عليه ثلاثة دراهم فقضاها. وان عكاشة بن محصن قال: رفعت قضيبك الممشوق لتضرب العضباء، وأنا بقربك، فأصابني، فأتى به فقال: يا عكاشة فاقتص مني قبل القصاص يوم القيامة، فكرر قوله: فضوح الدنيا أهون من فضوح يوم القيامة، فقال: ضربتني وأنا عريان، فألقى جبة من صوف كانت عليه، فخر عليه يقبله ويمرغ عليه وجهه ويقول: أعوذ بهذا البطن من النار، فقال: (ياعكاشة أعاذك الله من النار. ثم قال عفوت عنك يا رسول الله، فقال: عفا الله عنك كما عفوت عن نبيه)(7).

وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله  الله الجنة، قلنا: وثلاثة. قال: وثلاثة، قلنا: واثنان، قال: واثنان. ولم نسأله عن واحد).

وعن ثوبان: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في جنازة فرأى ناسا ركوباً، فقال: ألاتستحيون؟ ان ملائكة الله يمشون على أقدامهم وأنتم على ظهور الدواب).

وعن أنس: شكا رجل الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قسوة قلبه، فقال: (اطلع على القبور، واعتبر بالنشور).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (ما رأيت منظراً إلا والقبر أفظع منه).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج فما بعده شر منه).

وعن معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي قال: أخبرني من شئت من رجال قومي ان جبريل (عليه السلام) أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في جوف الليل معتجراً بعمامة من استبرق، فقال: يا محمد، من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش؟ فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يجر ثوبه مبادراً إلى سعد بن معاذ، فوجده قد قبض.

وقال جابر: ولما وضع سعد في قبره سبح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فسبح الناس معه، ثم كبر فكبروا معه، فقالوا: يا رسول الله لم سبحت؟ قال: (هذا العبد الصالح لقد تضايق عليه قبره حتى فرجه الله عليه).

وروي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) سئل عن ذلك، فقال: (كان يقصر في بعض الطهور من البول).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (إن للقبر ضغطة لو كان أحد ناجياً منها لنجا سعد بن معاذ).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (لو أن بني آدم علموا كيف عذاب القبر ما نفعهم العيش في الدنيا، فنعوذ بالله من عذاب القبر).

وقيل لحسان: مالك لم ترث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)؟ فقال: لأني لم أر شيئاً إلا رأيته يقصر عنه.

وعن أسماء بنت عميس: أنا لعند علي ابن أبي طالب (عليه السلام) بعد ما ضربه ابن ملجم، إذ شهق شهقة ثم أغمي عليه، ثم أفاق فقال: (مرحبا، مرحبا، الحمد لله الذي صدقنا وعده، وأورثنا الجنة، فقيل له: ما ترى؟ قال: هذا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وأخي جعفر وعمي حمزة (عليهما السلام) وأبواب السماء مفتحة، والملائكة ينزلون يسلمون علي ويبشرون، وهذه فاطمة (عليها السلام) قد طاف بها وصائفها من الحور، وهذه منازلي في الجنة، لمثل هذا فليعمل العاملون).

ووقف على قبره رجل من ولد حاجب بن زرارة فقال: لقد كانت حياتك مفتاح خير ومغلاق شر، ووفاتك مفتاح شر ومغلاق خير، ولو أن الناس قبلوك بقولك لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم، ولكنهم آثروا الدنيا فانتقض الأمر كما ينتقض الحبل عن مزايره.

وجعل معاوية لجعدة بنت الأشعث امرأة الحسن (عليه السلام) مائة ألف حتى سمته، ومكث شهرين وإنه ليرفع من تحته كذا طستا من دم، وكان يقول: (سقيت السم مراراً ما أصابني فيها ما أصابني في هذا المرة، لقد لفظت كبدي فجعلت أقلبها بعود كان في يدي)، وقد رثته جعدة بأبيات منها:

بكــــاء حق ليس بالباطل

 

يا جعد ابكيه ولا تسأمي

سترك من حاف ولا ناعل

 

إنك لــن ترخي على مثله

وخلف عليها رجل من قريش فأولدها غلاماً، فكان الصبيان يقولون له: يا ابن مسممة الأزواج.

ولما كتب مروان إلى معاوية بشكاته، كتب إليه: ان أقل المطي إلي بخبر الحسن، ولما مات وبلغه موته سمع تكبير من الخضراء، فكبر أهل الشام لذلك التكبير، وقالت فاختة بنت قرط لمعاوية: أقر الله عينك يا أمير المؤمنين: ما الذي كبرت له؟ قال: مات الحسن، قالت: أعلى موت ابن فاطمة تكبر؟ قال: والله ما كبرت شماتة لموته، ولكن استراح قلبي وصفت لي الخلافة.

وكان ابن عباس بالشام، فدخل عليه وقال له يا ابن عباس هل تدري ما حدث في أهل بيتك؟ قال: لا أدري ما حدث إلا أني أراك مستبشراً ومن يطيف بك وقد بلغني تكبيرك وسجودك. قال: مات الحسن. قال: إنا لله، رحم أبا محمد، ثلاثاً. ثم قال: والله يا معاوية انه لا يسد جسده حفرتك، ولا يزيد يومه في عمرك، ولئن كنا أصبنا بالحسن (عليه السلام) لقد أصبنا بإمام المتقين، وخاتم النبيين، فسكن الله تلك العبرة، وجبر تلك المصيبة، وكان الله الخلف علينا من بعده.

وقال (عليه السلام) لأخيه الحسين (عليه السلام): (إذا أنا مت فادفني مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إن وجدت إلى ذلك سبيلاً، وإن منعوك فادفني في بقيع الغرقد. فلبس الحسين (عليه السلام) ومواليه السلاح، وخرجوا ليدفنوه مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم)، فخرج مروان في موالي بني أمية فمنعوه من دفنه مع رسول الله (صلى  الله عليه وآله وسلّم).

وكان لعلي بن الحسين (عليهما السلام) جليس مات له ابن فجزع عليه، فعزاه ووعظه، فقال: يا ابن رسول الله إن ابني كان من المسرفين على نفسه، فقال: (لا تجزع إن من وراء ابنك ثلاث خلال، أما أولهن فشهادة أن لا اله إلا الله محمد رسول الله، والثانية شفاعة جدي (صلى الله عليه وآله وسلّم)، والثالثة رحمة الله التي وسعت كل شيء، فأين يخرج ابنك من واحدة من هذه الخلال).

وقال آدم (عليه السلام) حين احتضر لابنه شيث: (يا بني، أوصيك ان تطلي جسدي بدهن و مر ولبان مما هبط به علي من الجنة، فإنه إذا طلي به الميت لم ينفصل شيء من أعضائه حتى يبعثه الله. وأوصيك أن يكون معك دهن ومر ولبان حيث ما ذهبت، فإن الشيطان لا يقربك، وأوصيك أن تجعل جسدي في تابوت، وتجعلني في مغارة في أوسط الأرض).

ومات (عليه السلام) يوم الجمعة، وصلى عليه في الساعة التي خرج فيها من الجنة في ست ليال خلون من نيسان، وعمره تسع مائة وستون سنة، وناحوا عليه مائة وأربعين يوماً.

باب النوم والاحتلام والسهر والرؤيا

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (ما من أحد ينام الا ضرب على صماخه بجرير معقد، فان هو استيقظ وذكر الله انحلت عقدة، فإن هو توضأ حلت عقدة أخرى، فإن قام فصلى حلت العقد كلها، فإن هو لم يستيقظ ولم يتوضأ ولم يصل أصبحت العقد كلها كهيأتها، وبال الشيطان في أذنيه).

وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) : (أشراف أمتي حملة القرآن وأصحاب الليل).

وقالت أم سليمان بن داود (عليهما السلام) لسليمان: (يا بني لا تكثر النوم، فإن صاحب النوم يجئ يوم القيامة مفلسا).

وعن علي (عليه السلام): (ينام الرجل على الثكل ولا ينام على الحرب)، يعني إنه يصبر على قتل الولد ولا يصبر على سلب المال.

ورأى علي بن الحسين (عليهما السلام) مكتوبا على صدره:  (قل هو الله أحد )(8)، فاستعبر سعيد فقال: بضعة من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) نعيت إليه نفسه.

وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): (الرؤيا على جناح طائر ما لم تعبر، فإذا وقعت فلا تقصها إلا على واد أو ذي رأي).

وجاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال: رأيت كأن رأسي قد قطع وكأني أنظر إليه. فضحك رسول الله وقال: بأية عينين كنت تنظر إلى رأسك، فلم يلبث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن توفي فأولوا رأسه بنبيه.

قال رجل لعلي بن الحسين (عليه السلام): (رأيت كأني أبول في يدي. فقال: تحتك محرم. فنظروا فإذا بينه وبين امرأته رضاع).

ورأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أسيد بن أبي العيص في الجنة بعد موته، فأولها لولده عتاب بن أسيد.

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (الرؤيا الصالحة بشارة للمؤمن بما له عند الله من الكرامة في الآخرة).

ورأى نوف البكالي صاحب علي (عليه السلام) كأنه يسوق جيشاً، ومعه رمح طويل في رأسه شمعة تضيء للناس، فتأولها بالشهادة، فخرج إلى الغزو، فلما وضع رجله في الركاب قال: اللهم أرمل المرأة وأيتم الولد وأكرم نوفاً بالشهادة، فوجدوه وفرسه مقتولين مختلطاً دمه بدم فرسه وقد قتل رجلين.

وعن جابر بن عبد الله: (كنا ننام في المسجد ومعنا علي بن أبي طالب (عليه السلام) فدخل علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال: (قوموا لا تناموا في المسجد، فقمنا لنخرج، فقال: أما أنت يا علي فنم، فإنه قد أذن لك).

باب الهدية والرشوة

أهدى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى عمر هدية فردها، فقال: يا عمر، لم رددت هديتي؟ قال: لأني سمعتك تقول: (خيركم من لم يقبل شيئاً من الناس. فقال: يا عمر، إنما ذاك ما كان عن ظهر مسألة، فأما ما أتاك من غير مسألة فإنما هو رزق ساقه الله إليك).

وقالت أم حكيم الخزاعية: قلت للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): (أتكره رد اللطف؟ قال: ما أقبحه؟ لو أهدي إلي ذراع لقبلت، ولو دعيت إلى كراع لأجبت).

وقالت: وسمعته (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول: (تهادوا فإنه يورث الحب، ويذهب بغوائل الصدر).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (ما أهدى المسلم لأخيه أفضل من كلمة حكمة، يزيده الله بها هدى، ويرده بها عن الردى).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (نعمت العطية ونعمت الهدية كلمة حكيمة، تسمها فتنطوي عليها، ثم تحملها إلى أخ لك مسلم تعلّمه إياها).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (الهدية رزق من الله، فمن أهدي إليه شيء فليقبله).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (نعم الشيء الهدية أمام الحاجة).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (تهادوا تحابوا).

وقدم غلام لعلي (عليه السلام)، فأهدى للحسن والحسين دون ابن الحنيفية. فتمثل علي (عليه السلام) بقول عمرو بن كلثوم:

وما شر الثلاثة أم عمرو          بصاحبك الذي لا تصحبينا

فأهدى إليه.

وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): (الهدية تجلب السمع والبصر والقلب).

وأهدى معاوية إلى الدؤلي هدية فيها حلوى، فقالت: ابنته: ممن هذا يا أبه؟ فقال: هذا من معاوية، بعث بها يخدعنا عن ديننا. فقالت:

نبيع عليك أحساباً ودينا

 

أ بالشهد المزعفر يا ابن حرب

ومولانا أمير المؤمنينا

 

معاذ الـــــله كيف يكــــون هذا

باب اليأس والقناعة

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لحبة وسواء ابني خالد: (لا تيأسا من روح الله ما تهزهزت رؤوسكما، فإن أحدكم يولد أحمر لا قشر عليه ثم يكسوه الله ويرزقه).

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (القناعة مال لا ينفد).

وحدث الأعمش عن أبي وائل قال: ذهبت أنا وصاحب لي إلى سلمان الفارسي، فجلسنا عنده فقال: لولا أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) نهانا عن التكلف لتكلفت لكم، ثم جاء بخبز وملح ساذج لا أبزار عليه، فقال صاحبي: لو كان في ملحنا صعتر، فبعث سلمان بمطرته فرهنها على الصعتر. فلما أكلنا قال صاحبي: الحمد لله الذي أقنعنا بما رزقنا. فقال سلمان: لو قنعت بما رزقك الله لم تكن مطهرتي مرهونة.

وعن لقمان الحكيم (عليه السلام): (كفى بالقناعة عزاً، وبطيب النفس نعيماً).

وعن عيسى (عليه السلام): (اتخذوا البيوت منازل، والمساجد مساكن، وكلوا من بقل البرية، واشربوا من الماء القراح، واخرجوا من الدنيا بسلام).

وأوحى الله عزوجل إلى موسى (عليه السلام): (قل لعبادي المستخطين لرزقي: إياكم أن أغضب فأبسط عليكم الدنيا).

وفي التوراة: (يا ابن آدم، أطعني فيما أمرتك، ولا تعلمني ما يصلحك).

وعن عيسى (عليه السلام): الشمس في الشتاء صلائي، ونور القمر سراجي، وبقل البرية فاكهتي، وشعر الغنم لباسي، أبيت حيث يدركني الليل، ليس لي ولد يموت، ولا بيت يخرب، أنا الذي كببت الدنيا على وجهها).

وعلي (عليه السلام): أكل من تمر دقل، ثم شرب عليه الماء، وضرب على بطنه، فقال: من أدخله بطنه النار فأبعده الله، ثم تمثل:

وانك مهما تعط بطنك سؤله            وفرجك نالا منتهى الذم أجمعاً

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (لا تستبطئوا الرزق، فإنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغه آخر رزق هو له، فأجملوا في الطلب، أخذ الحلال وترك الحرام).

عنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): (ليس أحد بأكيس من أحد، فقد كتب له النصيب والأجل، وقسم المعيشة والعمل، فالناس يجرون فيهما إلى منتهى).

وعن عيسى (عليه السلام): (انظروا إلى طير السماء، تغدو وتروح، وليس معها شيء من أرزاقها، لا تحرث ولا تحصد والله يرزقها، فإن زعمتم أنكم اكبر بطوناً من الطير، فهذه الوحوش من البقر والحمر لا تحرث ولا تحصد والله يرزقها).

وعن أنس: اهدي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ثلاث طوائر، فاطعم خادمه طائراً، فلما كان من الغد أتته به، فقال لها: ألم أنهك أن ترفعي شيئاً لغد؟ فإن الله تعالى يأتي برزق كل غد.

وعنه (صلى الله عليه وآله وسلّم): ( لقد أفلح من أسلم، ورزقه الله كفافاً، وقنعه الله تعالى بما آتاه).

وعن مالك بن دينار: لما بعث الله عيسى بن مريم (عليه السلام) كب الدنيا على وجهها، ثم رفعها الناس حتى بعث الله تعالى محمداً (صلى الله عليه وآله وسلّم) فكب الدنيا على وجهها، ثم رفعناها بعد، فما لقينا منها؟.

وعن سليمان (عليه السلام): (كل العيش قد جربنا لينه وشدته، فوجدنا يكفي منه أدناه).

وعن لقمان (عليه السلام): (يا بني، اجعل همك فيما خلقت له، ولا تجعل همك فيما كفيته).

وفي وصية علي (عليه السلام): (وألجئ أمورك كلها إلى الهك، فإنك تلجئها إلى كهف حريز ومانع عزيز).

وفيها: (واعلم علماً يقيناً أنك لن تبلغ أملك، ولن تعدو أجلك، فإنك في سبيل من كان قبلك، فأحسن في الطلب، وأجمل في المكتسب، فإنه رب طلب جر إلى حرب، وليس كل طالب بمرزوق، ولا كل مجمل بمحروم).

وفيها: (وقد يكون اليأس إدراكاً إذا كان الطمع هلاكاً).

وعن عائشة: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): (إن أردت اللحوق بي فيكفي من الدنيا كزاد الراكب. ولا تستخلعي ثوبا حتى ترقعيه، وإياك ومجالسة الأغنياء).

وجاء جبريل (عليه السلام) إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بخزائن الدنيا كلها على بغلة شهباء، فقال له: (هذه الدنيا خذها، ولا ينقصك حظك عند الله بها شيئاً، فقال: يا جبريل، لا حاجة لي فيها، يا جبريل، جوعتين وشبعة).

وأوحي إلى موسى (عليه السلام): (أتدري لم رزقت الأحمق؟ قال: لا يا رب، قال ليعلم أن الرزق ليس بالاحتيال).

قال الله تعالى ليوسف (عليه السلام): (انظر إلى الأرض، فانفرجت فرأى ذرة على صخرة معها الطعام، فقال: أتراني لم أغفل عنها وأغفل عنك وأنت نبي بن نبي بن نبي).

وقال عيسى (عليه السلام) للحواريين: (أنتم أغنى من الملوك. قالوا: كيف؟ قال: لأنكم لا تطلبون وهم في الطلب).

ودخل علي (عليه السلام) المسجد، وقال لرجل: (أمسك على بغلتي. فخلع لجامها وذهب به، وخرج علي (عليه السلام) وفي يده درهمان ليكافئه فوجدها عطلاً، فركبها ومضى، فأعطى غلامه الدرهمين ليشتري بها لجاماً، فوجد الغلام اللجام في السوق وقد باعه السارق بدرهمين، فأخذه بالدرهمين. فقال علي (عليه السلام): إن العبد ليحرم نفسه الرزق الحلال بترك الصبر، ولا يزداد على ما قدر له).

وعنه (عليه السلام): (إن استطعت أن لا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل، فإنك مدرك قسمك، وآخذ سهمك، وإن اليسير من الله أكرم وأعظم من الكثير من غيره، ومرارة اليأس خير من الطلب إلى الناس).

وعنه (عليه السلام): (يا ابن آدم، لا تحمل يومك الذي لم يأتك على يومك الذي قد أتاك، فإنه إن يكن من عمرك يأت الله فيه برزقك).

وقال علي (عليه السلام) لعمر: (إن سرك أن تلحق بصاحبك فاقصر الأمل، وكل دون الشبع، وانكس الإزار، وارفع القميص، واخصف النعل، تلحق بهما).

وقيل لعلي (عليه السلام): (لو سدت على رجل باب بيت وترك فيه من أين يأتيه رزقه؟ قال: من حيث يأتيه أجله).

وعنه (عليه السلام): (ولقد كان في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) كاف لك في الأسوة، ودليل على ذم الدنيا وكثرة مساوئها، إذ قبضت عنه أطرافها، ووطئت لغيره أكنافها، وإن شئت ثنيت بموسى كليم الله (عليه السلام) إذ يقول: (إني لما أنزلت إلي من خير فقير)(9). والله ما سأله إلا خبزاً يأكله، لأنه كان يأكل بقلة الأرض، ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه، لهزاله وتشذب لحمه. وإن شئت ثلثت بداود (عليه السلام) صاحب المزامير وقارئ أهل الجنة، فقد كان يعمل سفائف الخوص بيده، ويقول لجلسائه أيكم يكفيني بيعها؟ ويأكل قرص الشعير من ثمنها. وإن شئت قلت في عيسى بن مريم (عليه السلام)، فلقد كان يتوسد الحجر ويلبس الخشن، وكان إدامه الجوع، وسراجه بالليل القمر، وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض للبهائم، ولم تكن له زوج تفتنه، ولا ولد يحزنه، ولا مال يلفته، ولا طمع يذله، دابته رجلاه، وخادمه يداه. فتأس بنبيك، عرضت عليه الدنيا فأبى أن يقبلها، وعلم أن الله أبغض شيئاً فأبغضه، وصغر شيئاً فصغره، ولو لم يكن فينا إلا حبنا ما أبغض الله، وتعظيمنا ما صغر الله لكفى به شقاقاً لله ومحادة عن أمره. ولقد كان (صلى الله عليه وآله وسلّم) يأكل على الأرض ويجلس جلسة العبد، ويخصف بيده نعله، ويرقع بيده ثوبه، ويركب الحمار العري، ويردف خلفه. ويكون الستر على باب بيته فيه التصاوير، فيقول: يا فلانة غيبيه عني، فإني إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا وزخارفها. فأعرض عن الدنيا بقلبه، وأمات ذكرها عن نفسه، وأحب أن يغيب زينتها عن عينه. ولقد كان لك في رسول الله ما يدلك على مساوئها وعيوبها، إذ جاع فيها مع خاصته، وزويت عنه مع عظيم زلفته، فلينظر ناظر بعقله أ أكرم الله محمداً بذلك أم أهانه؟ فإن قال أهانه، فقد كذب والعظيم، وإن قال أكرمه فليعلم ان الله قد أهان غيره حيث بسط الدنيا له وزواها عن أقرب الناس إليه، خرج من الدنيا خميصاً، وورد الآخرة سليماً، ثم يضع حجراً على حجر، فما أعظم منة الله عندنا حين أنعم به علينا سلفاً نتبعه، وقائداً نطأ عقبه، والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها، ولقد قال لي قائل: ألا تنبذها؟ فقلت: أغرب عني، فعند الصباح يحمد القوم السرى).

قال رجل لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم): أوصني، فقال: (عليك باليأس مما في أيدي الناس، وإياك والطمع فإنه فقر حاضر).

وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم): (لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً).

قال أبو نيرز ـ وهو من أبناء ملوك العجم، رغب في الإسلام وهو صغير، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فأسلم، وكان معه، فلما توفي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) صار مع فاطمة وولدها (عليهم السلام) ـ : جاءني علي (عليه السلام) وأنا أقوم بالضبعين عين أبي بيزر والبغيبغة، فقال: هل عندك من طعام؟ قلت: طعام لا أرضاه لك، قرع من قرع الضيعة صنعته بإهالة سنخة، فقال: عليّ به، فقام إلى الربيع فغسل يده ثم أصاب منه شيئاً، ثم رجع إلى الربيع فغسل يده بالرمل، ثم ضم يديه فشرب بهما حس من الماء، وقال: يا نيرز، إن الأكف أنظف من الآنية، ثم مسح ندى الماء على بطنه، ثم قال: من أدخله بطنه النار فأبعده الله. ثم أخذ المعول فجعل يضرب بالمعول في العين، فأبطأ عليه الماء، فخرج وجبينه ينضح عرقاً وهو ينشفه بيده، ثم عاد فأقبل يضرب فيها وهو يهمهم، فانثالت كأنها عنق جزور، فخرج مسرعاً وقال: أشهد أنها صدقة، عليّ بدواة وصحيفة، فكتب: (هذا ما تصدق به عبد الله علي أمير المؤمنين، تصدق بالضيعتين المعروفتين بعين أبي بيزر والبغيبغة على أهل المدينة وابن السبيل، ليقي الله وجهه حر النار يوم القيامة، لا تباعان ولا ترهنان حتى   يرثهما الله وهو خير الوارثين، إلا أن يحتاج الحسن والحسين فهما طلق لهما، وليسا لأحد غيرهما. فركب الحسن دين فحمل إليه معاوية بعين بيزر مائتي ألف دينار، فقال: إنما تصدق بها أبي ليقي الله بها وجهه حر النار، ولست بائعها بشيء).

 

1 ـ الى هنا انتهى الجزء الرابع من الكتاب.

2 ـ الفواق بفتح الفاء وضمها: الوقت بين الحلبتين والوقت بين قبضتي الحالب للضرع.

3 ـ سورة ق: 9.

4 ـ سورة النحل: 69.

5 ـ النساء : 4.

6 ـ سورة لقمان: 18.

7 ـ وروي هذا الحديث في سوادة بن قيس، والظاهر انه أراد أن يقبل جسم رسول الله (ص) فقال ما قال، والا فالرسول (ص) لا يخطأ حتى في مثل ما ادعاه، لان العصمة تمنع عن الخطأ، ولعل= =الرسول (ص) لم يكذبه حتى لا يقول الناس ان النبي حيث اراد التخلص من القصاص كذبه. راجع كتاب (ولأول مرة في تاريخ العالم) ج2 ص 285-288 تحت عنوان (حقوق الناس).

8 ـ سورة الإخلاص: 1.

9 ـ سورة القصص : 24.