الفهرس

المؤلفات

 التاريخ

الصفحة الرئيسية

 

الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء(عليها السلام) والدة الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام)

تسبيح فاطمة (عليها السلام)

ومن الخصائص المهمّة التي اختصّت بها الصدّيقة الزهراء (عليها السلام) هو تسبيحها المعروف الذي أتحفها به رسول الله(صلى الله

 عليه وآله وسلم)بعد أن أشار عليها أمير المؤمنين (عليه السلام) أن تذهب إليه(صلى الله عليه وآله وسلم)وتستخدمه إحدى الجواري، فعلّمها إيّاه.

فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «أهدى بعض ملوك الأعاجم إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) رقيقاً، فقلت لفاطمة (عليها السلام): اذهبي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)فاستخدميه خادماً، فأتته فسألته ذلك... فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا فاطمة اُعطيك ما هو خير لك من خادم ومن الدنيا بما فيها، تكبّرين الله بعد كل صلاة ثلاثاً وثلاثين تكبيرة، وتحمدين الله ثلاثاً وثلاثين تحميدة، وتسبّحين الله ثلاثاً وثلاثين تسبيحة، ثم تختمين ذلك بلا إله إلاّ الله، فذلك خير لك من الذي أردت ومن الدنيا بما فيها، فلزمت (عليها السلام) هذا التسبيح بعد كل صلاة ونسب إليها»(1).

وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: «ما عُبد الله بشيء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة (عليها السلام) ولو كان شيء أفضل منه لنحله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)فاطمة(عليها السلام)»(2).

وروي عن محمد بن مسلم أنّه قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن التسبيح، فقال: «ما علمت شيئاً موظفاً غير تسبيح فاطمة (عليها السلام)، وعشر مرّات بعد الفجر تقول: لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، لـه الملك وله الحمد، يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، ويسبّح ما شاء تطوّعاً»(3).

وعن محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): «من سبّح تسبيح الزهراء(عليها السلام) ثم استغفر، غفر لـه، وهي مائة باللسان وألف في الميزان وتطرد الشيطان وترضي الرحمن»(4).

وروي أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لرجل من بني سعد: «ألا اُحدثّك عنّي وعن فاطمة الزهراء؟ إنّها كانت عندي فاستقت بالقربة حتى أثّر في صدرها، وطحنت بالرحى حتى مجلت(5) يدها، وكسحت البيت حتى اغبرّت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دكنت(6) ثيابها، فأصابها من ذلك ضُرّ شديد، فقلت لها: لو أتيت أباك فسألته خادماً يكفيك حرماً أنت فيه من هذا العمل؟

فأتت النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)فوجدت عنه حداثاً فاستحيت فانصرفت.

فعلم(صلى الله عليه وآله وسلم)أنها قد جاءت لحاجة فغدا علينا ونحن في لحافنا، فقال: السلام عليكم، فسكتنا واستحيينا لمكاننا.

ثم قال: السلام عليكم، فسكتنا.

ثم قال: السلام عليكم، فخشينا إن لم نرد عليه أن ينصرف، وقد كان يفعل ذلك فيسلّم ثلاثاً فإن اُذن لـه وإلاّ انصرف.

فقلنا: وعليك السلام يا رسول الله اُدخل.

فجلس عند رؤوسنا، ثمّ قال: يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمد؟

فخشيت إن لم نجبه أن يقوم، قال: فأخرجت رأسي، فقلت: أنا والله اُخبرك يا رسول الله، أنها استقت بالقربة حتى أثّر في صدرها، وجرت بالرحى حتى مجلت يداها، وكسحت البيت حتى اغبرّت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دكنت ثيابها، فقلت لها: لو أتيت أباك فسألتيه خادماً يكفيك حرّ ما أنت فيه من هذا العمل.

قال: أفلا اُعلّمكما ما هو خير لكما من الخادم؟ إذا أخذتما منامكما فسبّحا ثلاثاً وثلاثين تسبيحة، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبّرا أربعاً وثلاثين.

قال: فأخرجت فاطمة (عليها السلام) رأسها، فقالت: رضيت عن الله ورسوله ورضيت عن الله ورسوله»(7).

وعن أبي هارون المكفوف عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (رحمه الله)ياأبا هارون إنّا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة (عليها السلام) كما نأمرهم بالصلاة فالزمه فإنّه لم يلزمه عبد فشقي((8).

وعن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: (رحمه الله)من سبّح تسبيح فاطمة (عليها السلام) في دبر المكتوبة من قبل أن يبسط رجليه أوجب الله لـه الجنّة((9).

إنفاق الزهراء (عليها السلام)

لقد كان بيت أمير المؤمنين (عليه السلام) والصدّيقة الزهراء (عليها السلام) ملجأ وملاذاً للفقراء والمحتاجين الذين لا معين لهم ولا عائل يقضي حوائجهم ويسدّ احتياجاتهم المختلفة.

فبين الحين والآخر كان الفقراء يلوذون برسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ويلتمسون منه يد العون، وكثيراً ما كان(صلى الله عليه وآله وسلم)يحوّلهم على دار أمير المؤمنين (عليه السلام) لعلمه الراسخ بأنّ كل من يطرق هذه الدار لا يعود خائباً خالي اليدين، وإنما يعود بحوائج مقضية، والقصص الدالةّ على ذلك كثيرة منها:

ما عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: صلّى بنا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)صلاة العصر فلمّا انفتل(10) جلس في قبلته والناس حوله، فبينا هم كذلك إذ أقبل إليه شيخ من مهاجرة العرب، سمل(11) قد تهلّل واختلق وهو لا يكاد يتمالك ضعفاً وكبراً.

فأقبل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يستجليه الخبر.

فقال الشيخ: يا نبي الله أنا جائع الكبد فأطعمني، وعاري الجسد فأكسني، وفقير فارشيني.

فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): ما أجد لك شيئاً ولكن الدالّ على الخير كفاعله، انطلق إلى منزل من يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يؤثر الله على نفسه، انطلق إلى حجرة فاطمة(عليها السلام) ـ وكان بيتها ملاصقاً بيت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)الذي ينفرد به لنفسه من أزواجه ـ يا بلال! قم فقف به على منزل فاطمة (عليها السلام).

فانطلق الأعرابي مع بلال، فلمّا وقف على باب فاطمة نادى بأعلى صوته: السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة ومختلف الملائكة ومهبط جبرئيل الروح الأمين بالتنزيل من عند ربّ العالمين.

فقالت فاطمة (عليها السلام): من أنت يا هذا؟

قال: شيخ من العرب أقبلت على أبيك سيد البشر، مهاجراً من شقّة وأنا يا بنت محمد عاري الجسد جائع الكبد، فواسيني رحمك الله.

وكان لفاطمة وعلي (عليهما السلام) في تلك الحال ورسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ثلاثاً ما طعموا فيها طعاماً، وقد علم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ذلك من شأنهما.

فعمدت فاطمة (عليها السلام) إلى جلد الكبش مدبوغ بالقرض كان ينام عليه الحسن والحسين (عليهما السلام)، فقالت: خذ هذا أيّها الطارق فعسى الله أن يرتاح لك ما هو خير منه.

فقال الأعرابي: يا بنت محمد شكوت إليك الجوع فناولتني جلد كبش، ما أنا صانع به مع ما أجد من السغب؟

قال: فعمدت (عليها السلام) لما سمعت هذا من قوله إلى عقد كان في عنقها أهدته لها فاطمة بنت عمّها حمزة بن عبد المطّلب فقطعته من عنقها ونبذته إلى الأعرابي، فقالت: خذه وبعه فعسى الله أن يعوّضك به ما هو خير منه.

فأخذ الأعرابي العقد وانطلق إلى مسجد رسول الله، والنبي(صلى الله عليه وآله وسلم)جالس في أصحابه، فقال: يا رسول الله أعطتني فاطمة بنت محمد هذا العقد وقالت: بعه فعسى أن يصنع لك.

قال: فبكى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)وقال: لا كيف يصنع الله لك وقد أعطتك فاطمة بنت محمد سيدة بنات آدم.

فقام عمار بن ياسر (رحمه الله) فقال: يا رسول الله أتأذن لي بشراء هذا العقد؟

قال(صلى الله عليه وآله وسلم): اشتره يا عمّار فلو اشترك فيه الثقلان ما عذّبهم الله بالنار.

فقال عمّار: بكم هذا العقد يا أعرابي؟

قال: بشبعة من الخبز واللحم وبردة يمانية أستر بها عورتي واُصلّي فيها لربي ودينار يبلغني إلى أهلي.

وكان عمار قد باع سهمه الذي نقله رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)من خيبر ولم يبق منه شيئاً، فقال: لك عشرون ديناراً ومائتا درهم هجرية وبردة يمانية وراحلتي تبلغك إلى أهلك وشبعة من خبز البر واللحم.

فقال الأعرابي: ما أسخاك بالمال.

وانطلق به عمار فوفّاه ما ضمن له.

وعاد الأعرابي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

فقال لـه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أشبعت واكتسيت؟

قال الأعرابي: نعم يا رسول الله واستغنيت بأبي أنت واُمّي.

قال (صلى الله عليه وآله وسلم): فاجز فاطمة (عليها السلام) بصنيعها.

فقال الأعرابي: اللهم إنك إله ما استحدثناك ولا إله لنا نعبده سواك وأنت رازقنا على كل الجهات، اللهم أعط فاطمة (عليها السلام) ما لا عين رأت ولا اُذن سمعت.

فأمّن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)على دعائه وأقبل على أصحابه، فقال: إنّ الله قد أعطى فاطمة (عليها السلام) في الدنيا ذلك، أنا أبوها وما أحد من العالمين مثلي، وعلي (عليه السلام) بعلها ولولا علي ما كان لفاطمة كفؤ أبداً، وأعطاها الحسن والحسين (عليهما السلام) وما للعالمين مثلهما سيدا شباب أسباط الأنبياء وسيدا أهل الجنة.

وكان بإزائه(صلى الله عليه وآله وسلم)المقداد وابن عمر وعمار وسلمان، فقال: وأزيدكم؟

فقالوا: نعم يا رسول الله.

قال (صلى الله عليه وآله وسلم): أتاني الروح الأمين يعني جبرئيل (عليه السلام) وقال: إنها إذا هي قبضت ودفنت يسألها الملكان في قبرها من ربك؟

فتقول: الله ربي.

فيقولان: من نبيك؟

فتقول: أبي.

فيقولان: فمن وليك؟

فتقول: هذا القائم على شفير قبري علي بن أبي طالب.

ألا واُزيدكم من فضلها، إنّ الله قد وكّل بها رعيلاً(12) من الملائكة يحفظونها من بين يديها ومن خلفها وعن يمينها وعن شمالها، وهم معها في حياتها وعند قبرها بعد موتها، يكثرون الصلاة عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها، فمن زارني بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي، ومن زار فاطمة فكأنما زارني، ومن زار علي بن أبي طالب فكأنما زار فاطمة، ومن زار الحسن والحسين فكأنما زار علياً، ومن زار ذريتهما فكأنما زارهما.

فعمد عمار إلى العقد وطيّبه بالمسك ولفّه في بردة يمانية، وكان لـه عبد اسمه سهم ابتاعه من ذلك السهم الذي أصابه بخيبر، فدفع العقد إلى المملوك وقال له: خذ هذا العقد فادفعه إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وأنت له.

فأخذ العقد فأتى به رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وأخبره بقول عمار (رحمه الله).

فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): انطلق إلى فاطمة (عليها السلام) فادفع إليها العقد وأنت لها.

فجاء المملوك بالعقد وأخبرها بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأخذت فاطمة (عليها السلام) العقد وأعتقت المملوك.

فضحك الغلام.

فقالت فاطمة (عليها السلام): ما يضحكك يا غلام؟

فقال: أضحكني عظم بركة هذا العقد، أشبع جائعاً وكسا عرياناً وأغنى فقيراً وأعتق عبداً ورجع إلى ربّه(13).

من أدعية الصدّيقة فاطمة (عليها السلام)

هجر الكثير من المسلمين أو منعوا ـ ولأسباب غير خفية ـ من بيت علي وفاطمة (عليهما السلام) بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

وقد بقي سلمان المحمدي بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)معتزلاً عن الخلق حتى أرسلت خلفه الزهراء (عليها السلام) فزارها، وشاهد من كراماتها العجيبة ما جعله يتيقّن أكثر بعلو منزلتها وارتفاع شأنها (عليها السلام).

فعن عبد الله بن سلمان الفارسي عن أبيه قال: خرجت من منزلي يوماً بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بعشرة أيام، فلقيني علي بن أبي طالب (عليه السلام) ابن عم الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال لي: يا سلمان جفوتنا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

فقلت: حبيبي أبا الحسن مثلكم لا يجفى، غير أنّ حزني على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) طال، فهو الذي منعني من زيارتكم.

فقال (عليه السلام) لي: يا سلمان ائت منزل فاطمة بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فإنها إليك مشتاقة، تريد أن تتحفك بتحفة قد اُتحفت بها من الجنة.

قلت لعلي (عليه السلام): قد أتحفت فاطمة (عليها السلام) بشيء من الجنة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟

قال: نعم بالأمس.

قال سلمان الفارسي: فهرولت إلى منزل فاطمة (عليها السلام) بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)..

ثم قالت: يا سلمان جفوتني بعد وفاة أبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

قلت: حبيبتي لم أجفكم.

قالت: فمه اُجلس واعقل ما أقول لك، إني كنت جالسة بالأمس في هذا المجلس وباب الدار مغلق وأنا أتفكّر في انقطاع الوحي عنّا وانصراف الملائكة عن منزلنا، فإذا انفتح الباب من غير أن يفتحه أحد فدخل عليّ ثلاث جوار لم ير الراؤون بحسنهنّ ولا كهيئتهنّ ولا نضارة وجوههنّ ولا أزكى من ريحهنّ، فلمّا رأيتهنّ قمت إليهنّ مستنكرة لهنّ، فقلت: بأبي أنتنّ من أهل مكة أم من أهل المدينة؟

فقلن: يا بنت محمد لسنا من أهل مكة ولا من أهل المدينة، ولا من أهل الأرض جميعاً، غير أننا جوار من الحور العين من دار السلام، أرسلنا ربّ العزة إليك يا بنت محمد أنّا إليك مشتاقات.

فقلت للتي أظن أنها أكبر سنّاً: ما اسمك؟

قالت: اسمي مقدودة.

قلت: ولِمَ سمّيت مقدودة؟

قالت: خلقت للمقداد بن الأسود الكندي صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

قلت للثانية: ما اسمك؟

قالت: ذرّة.

قلت: ولِمَ سمّيت ذرّة وأنت في عيني نبيلة؟

قالت: خلقت لأبي ذر الغفاري صاحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

فقلت للثالثة: ما اسمك؟

قالت: سلمى.

قلت: ولِمَ سمّيت سلمى؟

قالت: أنا لسلمان الفارسي مولى أبيك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

قالت فاطمة: ثم أخرجن لي رطباً أزرق كأمثال الخشكنانج(14) الكبار، أبيض من الثلج وأزكى ريحاً من المسك الأذفر، فقالت لي: يا سلمان أفطر عليه عشيتك فإذا كان غداً فجئني بنواة أو قالت: عجمه.

قال سلمان: فأخذت الرطب فما مررت بجمع من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) إلاّ قالوا: يا سلمان أمعك مسك؟

قلت: نعم.

فلمّا كان وقت الإفطار أفطرت عليه فلم أجد له، فمضيت إلى بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)في اليوم الثاني، فقلت لها (عليها السلام): إنّي أفطرت على ما أتحفتني به، فما وجدت لـه عجماً ولا نوى.

قالت: يا سلمان ولن يكن لـه عجم ولا نوى، وإنما هو من نخل غرسه الله في دار السلام، ألا اُعلمك بكلام علّمنيه أبي، محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، كنت أقوله غدوة وعشية؟

قال سلمان: قلت علّميني الكلام يا سيدتي.

فقالت: إن سرّك أن لا يمسّك أذى الحمّى ما عشت في دار الدنيا فواظب عليه.

ثم قال سلمان: علّميني هذا الحرز.

قالت: «بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله النور، بسم الله نور النور، بسم الله نور على نور، بسم الله الذي هو مدبّر الاُمور، بسم الله الذي خلق النور من النور، الحمد لله الذي خلق النور من النور، وأنزل النور على الطور، في كتاب مسطور، في رق منشور، بقدر مقدور، على نبي محبور، الحمد لله الذي هو بالعزّ مذكور، وبالفخر مشهور، وعلى السرّاء والضرّاء مشكور، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين».

قال سلمان: فتعلّمتهنّ فوالله ولقد علّمتهنّ أكثر من ألف نفس من أهل المدينة ومكّة ممّن بهم علل الحمّى فكل بريء من مرضه بإذن الله تعالى(15).

إيثار الصديقة الطاهرة (عليها السلام)

كانت الصدّيقة الزهراء (سلام الله عليها) مضرباً للمثل في التفاني في ذات الله تعالى حتى أنها (عليها السلام) أرخصت كل ما تملك من أجل إقامة كلمة الإسلام وترسيخ دعائم الدين القويمة.

ولذا فإنها (عليها السلام) كانت تؤثر بكل شيء من أجل إعلاء راية الدين خفّاقة وليبقى ذكر الله تعالى عالياً في كل مكان وعلى مرّ العصور.

ففي التاريخ أنه جاء رجل إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فشكا إليه الجوع، فبعث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)إلى أزواجه، فقلن: ما عندنا إلاّ الماء.

فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من لهذا الرجل الليلة؟

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنا يا رسول الله، فأتى فاطمة (عليها السلام) وسألها ما عندك يا بنت رسول الله؟

فقالت: ما عندنا إلاّ قوت الصبية لكنّا نؤثر ضيفنا به.

فقال (عليه السلام): يا بنت محمد نوّمي الصبية وأطفئي المصباح وجعلا يمضغان بألسنتهما، فلمّا فرغا من الأكل، أتت فاطمة (عليها السلام) بسراج فوجدت الجفنة(16) مملوّة من فضل الله.

فلمّا أصبح صلّى مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلمّا سلّم النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)من صلاته نظر إلى أمير المؤمنين(عليه السلام) وبكى بكاءً شديداً وقال: يا أمير المؤمنين لقد عجب الربّ من فعلكم البارحة أقرأ (وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ((17) أي مجاعة(18).

نزول سورة الإنسان

عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن جدّه (عليهم السلام)قال: مرض الحسن والحسين (عليهما السلام) مرضاً شديداً، فعادهما سيد ولد آدم محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)...

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن عافى الله ولدي مما بهما صمت لله ثلاثة أيام متواليات.

وقالت فاطمة (عليها السلام) مثل مقالة علي (عليه السلام).

وكانت لهم جارية نوبية تدعى (فضة) قالت: إن عافى الله سيدَي مما بهما صمت لله ثلاثة أيام.

فلمّا عافى الله الغلامين مما بهما انطلق علي (عليه السلام) إلى جار يهودي يقال له: شمعون بن حارا، فقال له: يا شمعون أعطني ثلاثة أصيع من شعير وجزة(19) من صوف تغزله لك ابنة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).

فأعطاه اليهودي الشعير والصوف، فانطلق إلى منزل فاطمة (عليها السلام).

فقال لها: يا بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)كلي هذا واغزلي هذا، فباتوا وأصبحوا صياماً، فلمّا أمسوا قامت الجارية إلى صاع من الشعير وعجنته وخبزت منه خمسة أقراص قرص لعلي وقرص لفاطمة وقرص للحسن وقرص للحسين(عليهم السلام)وقرص للجارية.

وإنّ علياً (عليه السلام) صلّى مع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)ثم أقبل إلى منزله ليفطر، فلمّا أن وضع بين أيديهم الطعام وأرادوا أكله، فإذا سائل قد قام بالباب، فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد، أنا مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة.

فألقى علي (عليه السلام) وألقى القوم من أيديهم الطعام، وأنشأ علي بن أبي طالب(عليه السلام) هذه الأبيات:

يا بنت خير الناس أجمعين

فاطم ذات الودّ واليقين

قد جاء بالباب لـه حنين

أما ترين البائس المسكين

يشكو إلينا جائع حزين

يشكو إلى الله ويستكين

من يفعل الخير يقف سمين

كل امرئ بكسبه رهين

حرمت الجنة على الضنين

ويدخل الجنة آمنين

ويخرج منها إن خرج بعد حين

يهوي من النار إلى سجين

قال: فأنشأت فاطمة (عليها السلام) وهي تقول:

ما بي من لؤم ولا ضراعة

أمرك يا بن العم سمع طاعة

غديت بالبر لـه صناعة

أمط عنّي اللؤم والرقاعة

أرجو إن أطعمت من مجاعة

إني سأعطيه ولا أنهيه ساعة

وأدخل الجنة لي شفاعة

أن ألحق الأخيار والجماعة

فأعطوه طعامهم وباتوا على صومهم لم يذوقوا إلاّ الماء.

فلمّا أمسوا قامت الجارية إلى الصاع الثاني فعجنته وخبزت منه أقراصاً، وإنّ علياً (عليه السلام) صلّى مع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)ثم أقبل إلى منزله ليفطر، فلمّا وضع بين أيديهم الطعام وأرادوا أكله إذا يتيم قد قام بالباب، فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد أنا يتيم من يتامى المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة.

قال: فألقى علي (عليه السلام) وألقى القوم من بين أيديهم الطعام، وأنشأ علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو يقول:

بنت نبي ليس بالزنيم

فاطم بنت السيد الكريم

ومن يسلم فهو السليم

قد جاءنا الله بذي اليتيم

لا يجوز على الصراط المستقيم

حرمت الجنة على اللئيم

فصاحب البخل يقف ذميم

طعامه الضريع في الجحيم

قال: فأنشأت فاطمة (عليها السلام) وهي تقول هذه الأبيات:

واُوثر الله على عيالي

إني سأعطيه ولا اُبالي

أرجو بذاك الفوز في المال

وأقض هذا الغزل في الأغزال

ويكفني همّي في أطفالي

أن يقبل الله وينمي مالي

أصغرهم يقتل في القتال

أمسوا جياعاً وهم أشبالي

لقاتليه الويل مع وبال

بكربلاء يقتل باغتيال

كبؤله زادت على الأكبال

يهوى في النار إلى سفال

قال: فأعطوا طعامهم وباتوا على صومهم ولم يذوقوا إلاّ الماء وأصبحوا صياماً.

فلمّا أمسوا قامت الجارية إلى الصاع الثالث فعجنته وخبزت منه خمسة أقراص، وإنّ علياً (عليه السلام) صلّى مع النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)ثم أقبل إلى منزله يريد أن يفطر، فلمّا وضع بين أيديهم الطعام وأردوا أكله فإذا أسير كافر قد قام بالباب، فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمد والله ما أنصفتمونا من أنفسكم، تأسرونا وتقيّدونا ولا تطعمونا، أطعموني فإني أسير محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).

فألقى علي (عليه السلام) وألقى القوم من بين أيديهم الطعام.

فأنشأ علي بن أبي طالب (عليه السلام) هذه الأبيات وهو يقول:

يا بنت من سمّاه الله فهو محمد

يا فاطمة حبيبتي وبنت أحمد

قد جاءنا الله بذي المقيّد

قد زانه الله بخلق أغيد

من يطعم اليوم يجده في غد

بالقيد مأسور فليس يهتدي

وما زرعه الزارعون يحصد

عند الإله الواحد الموحّد

ثم اطلبي خزائن التي لم تنفد

أعطيه ولا تجعليه أنكد

قال: فأنشأت فاطمة (عليها السلام) وهي تقول:

يا بنت من سمّاه الله فهو محمد

يا فاطمة حبيبتي وبنت أحمد

قد دبرت الكف مع الذراع

يا بن عم لم يبق إلاّ صاع يا ربّ لا تتركهما ضياع

ابني والله هما جياع قد يصنع الخير بابتداع

أبوهما للخير صناع وما على رأسي من قناع

عبل الذراعين شديد الباع

إلاّ قناع نسجه نساع

قال: فأعطوه طعامهم وباتوا على صومهم ولم يذوقوا إلاّ الماء، فأصبحوا وقد قضى الله عليهم نذرهم، وإنّ علياً (عليه السلام) أخذ بيد الغلامين وهما كالفرخين لا ريش لهما يترجّجان من الجوع، فانطلق بهما إلى منزل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلمّا نظر إليهما رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)اغرورقت عيناه بالدموع وأخذ بيد الغلامين، فانطلق بها إلى منزل فاطمة (عليها السلام)، فلمّا نظر إليها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وقد تغيّر لونها وإذا بطنها لاصق بظهرها انكبّ عليها يقبّل بين عينيها، ونادته باكية: وا غوثاه بالله ثم بك يا رسول الله من الجوع.

قال: فرفع رأسه إلى السماء وهو يقول: «اللهم أشبع آل محمد».

فهبط جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا محمد اقرأ.

قال: وما أقرأ؟

قال: اقرأ (إِنَّ الأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً ( عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ( إلى آخر ثلاث آيات(20).

ثم إنّ علياً (عليه السلام) مضى من فور ذلك حتى أتى أبا جبلة الأنصاري، فقال له: يا أبا جبلة هل من قرض دينار؟

قال: نعم يا أبا الحسن أشهد الله وملائكته أنّ أكثر مالي لك حلال من الله ومن رسوله.

قال: لا حاجة لي في شيء من ذلك إن يك قرضاً قبلته.

قال: فرفع إليه ديناراً.

ومرّ الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) يتخرّق أزقّة المدينة ليبتاع بالدينار طعاماً، فإذا هو بمقداد بن الأسود الكندي قاعد على الطريق فدنا منه وسلّم عليه وقال: يا مقداد ما لي أراك في هذا الموضع كئيباً حزيناً؟

فقال أقول: كما قال العبد الصالح موسى بن عمران (عليه السلام): ربّ إني لما أنزلت إليّ من خير فقير.

قال ومنذ كم يا مقداد؟

قال: هذا أربع.

فرجع علي (عليه السلام) مليّاً ثم قال: الله أكبر، الله أكبر، آل محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)منذ ثلاث وأنت يا مقداد مذ أربع، أنت أحق بالدينار مني.

قال: فدفع إليه الدينار ومضى حتى دخل على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)في مسجده، فلما انفتل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ضرب بيده إلى كتفه ثم قال: يا علي انهض بنا إلى منزلك لعلّنا نصيب به طعاماً، فقد بلغنا أخذك الدينار من أبي جبلة.

قال: فمضى وعلي (عليه السلام) يستحي من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)رابط على بطنه حجراً من الجوع حتى قرعا على فاطمة الباب.

فلمّا نظرت فاطمة (عليها السلام) إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وقد أثّر الجوع في وجهه ولّت هاربة قالت: وا سوأتاه من الله ومن رسوله، كأن أبا الحسن ما علم أن ليس عندنا مذ ثلاث، ثم دخلت مخدعاً لها فصلّت ركعتين ثم نادت: يا إله محمد هذا محمد نبيك وفاطمة بنت نبيك وعلي ختن نبيك وابن عمّه وهذان الحسن والحسين سبطي نبيك، اللهم فإنّ بني إسرائيل سألوك أن تنزل عليهم مائدة من السماء فأنزلتها عليهم وكفروا بها، اللهم فإنّ آل محمد لا يكفروا بها، ثم التفتت مسلّمة فإذا هي بصحفة(21) مملوّة ثريد ومرق فاحتملتها ووضعتها بين يدي رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فأهوي بيده إلى الصحفة فسبّحت الصحفة والثريد والمرق فتلا النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) (وَإِنْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ((22) ثم قال: كلوا من جوانب القصعة ولا تهدموا صومعتها فإنّ فيها البركة.

فأكل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، والنبي(صلى الله عليه وآله وسلم)يأكل وينظر إلى علي (عليه السلام) متبسّماً، وعلي (عليه السلام) يأكل وينظر إلى فاطمة (عليها السلام) متعجّباً، فقال لـه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كل يا علي ولا تسأل فاطمة عن شيء، الحمد لله الذي جعل مثلك ومثلها مثل مريم بنت عمران وزكريا (عليهما السلام) (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ((23)، يا علي هذا بالدينار الذي أقرضته، لقد أعطاك الله الليلة خمسة وعشرين جزءً من المعروف، فأمّا جزء واحد فجعل لك في دنياك أن أطعمك من جنّته، وأمّا أربعة وعشرون جزءً قد ذخرها لك لآخرتك(24).

الزهراء تودع أباها (عليهما السلام)

قال سلمان: بينا أنا عند رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)في مرضه الذي قبض فيه، إذ دخلت عليه فاطمة (عليها السلام) فلما رأت ما به(صلى الله عليه وآله وسلم)خنقتها العبرة حتى فاضت دموعها على خدّيها، فأبصر ذلك رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فقال: ما يبكيك يا بنيّة، أقرّ الله عينك ولا أبكاها؟

قالت (عليه السلام): وكيف لا أبكي وأنا أرى ما بك من الضعف؟ فمن لنا بعدك يا رسول الله؟

فقال(صلى الله عليه وآله وسلم)لها (عليها السلام): يا فاطمة لكم الله فتوكّلي عليه واصبري كما صبر آباؤك من الأنبياء، واُمّهاتك من أزواجهم، ألا اُبشرك يا فاطمة؟

قالت (عليها السلام): بلى يا أبه.

قال (صلى الله عليه وآله وسلم): أما علمت أن الله تعالى اختار أباك فجعله نبياً، وبعثه إلى كافة الخلق رسولاً، ثم اختار علياً فأمرني فزوّجتك إياه، واتخذته بأمر ربّي وزيراً ووصيّاً، يا فاطمة إنّ علياً أعظم المسلمين على المسلمين بعدي حقاً، وأقدمهم سلماً، وأعزهم خطراً، وأجملهم خلقاً، وأشدّهم في الله وفيّ غضباً، وأعلمهم علماً، وأحلمهم حلماً، وأثبتهم في الميزان قدراً، وأشجعهم قلباً، وأربطهم جأشاً، وأسخاهم كفاً.

فاستبشرت فاطمة (عليها السلام)، فأقبل عليها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وقال: هل سررتك يا فاطمة؟

قالت (عليها السلام): نعم يا أبة، الحديث.

وقال عمار: لما حضر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)أمر الله دعا بعلي (عليه السلام) فسارّه طويلاً ثم قال له: يا علي أنت وصيّي ووارثي، قد أعطاك الله علمي وفهمي، فإذا متّ ظهرت لك ضغائن في صدور قوم، وغصبت على حقك.

فبكت فاطمة (عليها السلام) وبكى الحسن والحسين (عليهما السلام).

فقال(صلى الله عليه وآله وسلم)لفاطمة: يا سيّدة النسوان ممّ بكاؤك؟

قالت (عليها السلام): يا أبة أخشى الضيعة بعدك.

فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): أبشري يا فاطمة فإنك أول من يلحقني من أهل بيتي، لا تبكي ولا تحزني، فإنّك سيدة نساء أهل الجنّة، وأباك سيد الأنبياء، وابن عمك سيد الأوصياء، وابناك سيدا شباب أهل الجنّة، ومن صلب الحسين (عليه السلام) يخرج الله الأئمّة التسعة مطهّرون معصومون، ومنك مهدي هذه الاُمّة.

هذه وديعة الله

قال الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) في حديث: قلت لأبي (عليه السلام): فما كان بعد خروج الملائكة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟

فقال (عليه السلام): ثم دعا(صلى الله عليه وآله وسلم)علياً وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)وقال لمن في بيته: اخرجوا عني، وقال لاُم سلمة: كوني على الباب فلا يقربه أحد، ثم التفت إلى علي (عليه السلام) وقال له: يا علي ادن مني، فدنا منه، فأخذ بيد فاطمة(عليها السلام) فوضعها على صدره طويلاً، وأخذ بيد علي (عليه السلام) بيده الاُخرى، فلما أراد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)الكلام غلبته العبرة فلم يقدر على الكلام.

فبكت فاطمة (عليها السلام) بكاءً شديداً وأكبّت على وجهه تقبّله، وبكى علي والحسن والحسين (عليهم السلام)لبكاء رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ثم أكبّوا على وجهه.

فرفع رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)رأسه إليهم ويدها في يده، فوضعها في يد علي (عليه السلام) وقال له: يا أبا الحسن هذه وديعة الله ووديعة رسوله محمد عندك فاحفظ الله واحفظني فيها، وإنك لفاعل هذا يا علي، هذه والله سيّدة نساء أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين، هذه والله مريم الكبرى، أما والله ما بلغت نفسي هذا الموضع حتى سألت الله لها ولكم، فأعطاني ما سألته، يا علي أنفذ لما أمرتك به فاطمة، فقد أمرتها بأشياء أمر بها جبرئيل، وأمرتها أن تلقيها إليك، فانفذها، فهي الصادقة الصدوقة، واعلم يا علي أني راضٍ عمّن رضيَت عنه ابنتي فاطمة، وكذلك ربي وملائكته، يا علي ويل لمن ظلمها، وويل لمن ابتزّها حقها، وويل لمن هتك حرمتها، وويل لمن أحرق بابها، وويل لمن آذى حليلها، وويل لمن شاقّها وبارزها، اللهم إني منهم بريء، وهم مني براء، ثم سماهم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وضمّ فاطمة إليه وعلياً والحسن والحسين (عليهم السلام)، الحديث.

في بيت فاطمة (عليها السلام)

ولما كان صباح يوم الاثنين لليلتين بقيتا من شهر صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة النبوية المباركة استأذن على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ملك الموت، وهو(صلى الله عليه وآله وسلم)في بيت فاطمة (عليها السلام) وعمر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)إذ ذاك ثلاث وستّون سنة.

قال ابن عباس: فلما طرق الباب قالت فاطمة (عليها السلام): من ذا؟

قال: أنا غريب أتيت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فهل تأذنون لي في الدخول عليه؟

فأجابت: امضِ رحمك الله لحاجتك، فرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)عنك مشغول.

فمضى ثم رجع فدقّ الباب وقال: غريب يستأذن على رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)فهل تأذنون للغرباء؟

فأفاق رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وقال: يا فاطمة إن هذا مفرق الجماعات، ومنغّص اللذّات، هذا ملك الموت، ما استأذن والله على أحد قبلي، ولا يستأذن على أحد بعدي، استأذن عليَّ لكرامتي على الله، ائذني له.

فقالت (عليها السلام): اُدخل رحمك الله، فلما اُذن له دخل كريح هفّافة وقال: السلام عليك يا رسول الله وعلى أهل بيتك.

قال (صلى الله عليه وآله وسلم): وعليك السلام يا ملك الموت.

فقال: إنّ ربك أرسلني إليك وهو يقرؤك السلام ويخيّرك بين لقائه والرجوع إلى الدنيا.

فاستمهله(صلى الله عليه وآله وسلم)حتى ينزل جبرئيل ويستشيره، فخرج ملك الموت من عنده وجاء جبرئيل فقال: السلام عليك يا أبا القاسم.

قال (صلى الله عليه وآله وسلم): وعليك السلام يا حبيبي جبرائيل.

فقال: يا رسول الله إنّ ربك إليك مشتاق، وما استأذن ملك الموت على أحد قبلك، ولا يستأذن على أحد بعدك.

قال (صلى الله عليه وآله وسلم): يا حبيبي جبرئيل إن ملك الموت قد خيّرني عن ربّي بين لقائه وبين الرجوع إلى الدنيا، فما الذي ترى؟

فقال: يا رسول الله {وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولى ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى}(25).

قال (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم، لقاء ربي خير لي، لا تبرح يا حبيبي جبرئيل حتى ينزل ملك الموت، فنزل ملك الموت فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): امض لما اُمرت له.

ثم مدّ(صلى الله عليه وآله وسلم)يده إلى علي (عليه السلام) فجذبه إليه وهو يقول: ادن مني يا أخي فقد جاء أمر الله، فدنا (عليه السلام) منه حتى أدخله تحت ثوبه الذي كان عليه، ووضع فاه في اُذنه وجعل يناجيه طويلاً حتى فارقت روحه الدنيا، صلوات الله عليه وآله، ويد أمير المؤمنين (عليه السلام) اليمنى تحت حنكه، ففاضت نفسه فيها، فرفعها (عليه السلام) إلى وجهه فمسحه بها.

ثم انسل علي (عليه السلام) من تحت ثيابه، وقال: أعظم الله اُجوركم في نبيّكم، فقد قبضه الله إليه ثم مدّ عليه ازاره، وقال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، يالها من مصيبة خصت الأقربين وعمت المؤمنين، لما يصابوا بمثلها قط، ولا عاينوا مثلها.

فارتفعت عندها الأصوات بالضجّة والبكاء. فصاحت فاطمة (عليها السلام) وصاح المسلمون، وصاروا يضعون التراب على رؤوسهم، وفاطمة (عليها السلام) تقول: يا أبتاه إلى جبرئيل ننعاه، يا أبتاه من ربّه ما أدناه، يا أبتاه جنان الفردوس مأواه، يا أبتاه أجاب ربّاً دعاه، واجتمعت نسوة بني هاشم وجعلن يذكرن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم).

وبعد الوفاة

روي أنّه لمّا قبض النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)امتنع بلال من الأذان وقال: لا اُؤذّن لأحد بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وأنّ فاطمة (عليها السلام) قالت ذات يوم: إنّي أشتهي أن أسمع صوت مؤذّن أبي بالأذان، فبلغ ذلك بلالاً، فأخذ في الأذان، فلمّا قال: (رحمه الله)الله أكبر، الله أكبر( ذكرت أباها(صلى الله عليه وآله وسلم)وأيّامه فلم تتمالك من البكاء.

فلمّا بلغ إلى قوله: (رحمه الله)أشهد أنّ محمّداً رسول الله(، شهقت فاطمة (عليها السلام) شهقة وسقطت لوجهها وغُشي عليها.

فقال الناس لبلال: أمسك يا بلال فقد فارقت ابنة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)الدنيا، وظنّوا أنّها قد ماتت، فقطع أذانه ولم يتمه.

فأفاقت فاطمة (عليها السلام) وسألت أن يتم الأذان فلم يفعل، وقال لها: يا سيّدة النسوان إنّي أخشى عليك ممّا تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان، فأعفته عن ذلك(26).

في رثاء أبيها(صلى الله عليه وآله وسلم)

كانت الصديقة الزهراء ترثي أباها(صلى الله عليه وآله وسلم)بعد ما تأخذ من تراب القبر الشريف وتضعه على عينيها، وتقول:

أن لا يشمّ مدى الزمان غواليا

ماذا على من شمّ تربة أحمد صبّت على الأيّام عدن لياليا(27)

صبّت عليّ مصائب لو أنّها وتقول (عليها السلام) أيضا:

إن كنت تسمع صرختي وندائيا

قل للمُغيّب تحت أطباق الثرى لا أخشى من ضيم وكان حماً ليا

قد كنت ذات حمى بظلّ محمّد ضيمي وأدفع ظالمي بردائيا

فاليوم أخشع للذليل وأتّقي شجناً على غصن بكيت صباحيا

فإذا بكت قمرية في ليلها ولأجعلنّ الدمع فيك وشاحيا(28)

فلأجعلنّ الحزن بعدك مؤنسي وتقول (عليها السلام) ترثيه (صلى الله عليه وآله وسلم):

شمس النهار وأظلم العصران

اغبر آفاق السماء وكوّرت أسفاً عليه وكثيرة الرجفان

فالأرض من بعد النبي كئيبة وليبكه مضر وكل يمان(29)

فليبكه شرق البلاد وغربها وتقول (عليها السلام) أيضا:

تبكي عليك الناظر

كنت السواد لمقلتي فعليك كنت اُحاذر(30)

من شاء بعدك فليمت

الهجوم على دارها (عليها السلام)

وقد هجم القوم بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)على دار الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) وذلك طمعاً في الخلاقة واغتصاباً لحق أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأحرقوا الباب، وعصروها بين الحائط والباب وكسروا ضلعها وضربوها حتى أسقطت جنينها الذي سماه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)محسناً، وقد بقي أثر السياط في عضدها كمثل الدملج(31).

خطبة الزهراء (عليها السلام) في نساء المهاجرين والأنصار

إنّ القوم لم يراعوا حرمة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)في ابنته الصديقة فاطمة (عليها السلام) ولا في وصيه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فغصبوا الخلافة منه (عليه السلام) وغصبوا فدك فاطمة (عليها السلام)، ولكن الصدّيقة الزهراء(عليها السلام) لم تقف أمام غصب الخلافة والتعدي على حقّ زوجها والاستيلاء على فدكها مكتوفة الأيدي، وإنّما خرجت من منزلها وهي القائلة:(رحمه الله)خير للمرأة من أن لا ترى رجلاً ولا يراها((32)، من أجل استرجاع الحقوق المغصوبة التي استولت عليها حكومة ابن أبي قحافة.

وليس ذلك فحسب، بل إنّها (عليها السلام) خطبت خطبتان أحدهما في المسجد وقد أشرنا إلى بعض أبعادها الفقهية في كتاب «من فقه الزهراء (عليها السلام)».

وكان لها خطبة اُخرى في نساء المهاجرين والأنصار عندما أتين لعيادتها (عليها السلام)، ذكرناها في نهاية الفصل الثاني من الكتاب(33) مع بعض التفصيل، ونقتصر في هذا الكتاب على أصل الخطبة:

عن عبدالله بن الحسن، عن اُمّه فاطمة بنت الحسين: «أنّها لمّا مرضت فاطمة الزهراء (عليها السلام) المرضة التي توفّيت فيها، واشتدّت عليها علّتها، اجتمعت إليها نساء المهاجرين والأنصار ليعدنها، فسلّمنّ عليها وقلن لها: كيف أصبحت من علّتك يا بنت رسول الله؟

فحمدت الله وصلّت على أبيها، ثمّ قالت:

أصبحت والله عائفة لدنياكن، قالية لرجالكن، لفظتهم(34) بعد أن عجمتهم(35)، وشنأتهم بعد أن سبرتهم، فقبحاً لفلول(36) الحدّ، واللعب بعد الجدّ، وقرع الصفاة، وصدع القناة، وخطل(37) الرأي، وزلل الأهواء، و{لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ}(38).

لا جرم والله لقد قلّدتهم ربقتها، وحمّلتهم أوقتها، وشننت عليهم غارتها، فجدعاً وعقراً(39)، وبعداً للقوم الظالمين، ويحهم أنّا زعزعوها(40) عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوّة والدلالة، ومهبط الروح الأمين، والطبين باُمور الدنيا والدين {ألا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ}(41)، وما الذي نقموا من أبي الحسن، نقموا منه والله نكير سيفه، وقلّة مبالاته بحتفه، وشدّة وطأته، ونكال وقعته، وتنمّره(42) في ذات الله عزّوجلّ، وتالله لو مالوا عن المحجّة اللائحة، وزالوا عن قبول الحجّة الواضحة، لردّهم إليها، وحملهم عليها، وتالله لو تكافوا عن زمام نبذه إليه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)لاعتقله(43)، ولسار بهم سجحاً(44)، لا يكلّم خشاشة(45)، ولا يكلّ سائره، ولا يملّ راكبه، ولأوردهم منهلاً نميراً(46) صافياً روياً فضفاضاً(47) تطفح ضفّتاه(48)، ولا يترنّق(49) جانباه، ولأصدرهم بطاناً، ونصح لهم سرّاً وإعلاناً، ولم يكن يتحلّى من الغنى بطائل، ولا يحظى من الدنيا بنائل، غير ري الناهل وشبعة الكافل، ولبان لهم الزاهد من الراغب، والصادق من الكاذب، {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ}(50)، {وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ}(51). ألا هلّم فاستمع، وما عشت أراك الدهر عجباً {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ}(52) ليت شعري إلى أي لجأ لجأوا؟ وإلى أي سناد استندوا؟ وعلى أي عماد اعتمدوا؟ وبأي عروة تمسّكوا؟ وعلى أي ذرية قدموا واحتنكوا؟ {لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ}(53) و{بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً}(54).

استبدلوا والله الذنابي بالقوادم، والعجز بالكاهل، فرغماً لمعاطس(55) قوم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً، {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لايَشْعُرُونَ}(56) ويحهم {أفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}(57).

أما لعمري لقد لقحت(58) فنظرة ريثما تنتج، ثمّ احتلبوا ملء العقب دماً عبيطاً وذعافاً(59)، واطمئنّوا للفتنة جأشاً، وأبشروا بسيف صارم، وسطوة معتدٍ غاشم، وبهرج دائم شامل، واستبداد من الظالمين يدع فيئَكم زهيداً، وجمعكم حصيداً، فيا حسرة لكم وأنّى بكم وقد عميت عليكم {أَ نُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ}(60).

استشهادها (عليها السلام)

توفّيت الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) مظلومة شهيدة، بعد ما جرى عليها من الظلم والجور، والضرب واللطم، وكسر الضلع وسقط الجنين، وكان وفاتها في الثالث من جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة من الهجرة النبوية على المشهور بين أصحابنا، وهو المروي عن الإمام الصادق (عليه السلام).

وفي بعض الروايات: إنها (عليها السلام) توفيت بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بخمسة وسبعين يوماً.

وقيل: إنّها توفّيت لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر.

وكان عمرها (صلوات الله عليها وعلى أبيها) عند وفاتها ثماني عشرة سنة.

عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «إنّ فاطمة (عليها السلام) مكثت بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)خمسة وسبعين يوماً، وكان دخلها حزن شديد على أبيها، وكان يأتيها جبرئيل (عليه السلام) فيحسن عزاءها على أبيها ويطيّب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، وكان علي (عليه السلام) يكتب ذلك»(61).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «عاشت فاطمة (عليها السلام) بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) خمسة وسبعين يوماً، لم تُرَ كاشرة ولا ضاحكة، تأتي قبور الشهداء في كل جمعة مرتين، الإثنين والخميس فتقول: هاهنا كان رسول الله (عليه السلام) وهاهنا كان المشركون».

وفي رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام): «أنّها كانت تصلّي هناك وتدعو حتّى ماتت»(62).

وعن الإمام الباقر (عليه السلام)، قال: «ما رؤيت فاطمة ضاحكة قطّ منذ قبض رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) حتّى قبضت»(63).

وروي: «أنّها ما زالت بعد أبيها معصبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدّة الركن، باكية العين، محترقة القلب، يغشى عليها ساعة بعد ساعة، وتقول لولديها: أين أبوكما الذي كان يكرمكما ويحملكما مرّة بعد مرّة، أين أبوكما الذي كان أشدّ الناس شفقة عليكما؟ فلا يدعكما تمشيان على الأرض، ولا أراه يفتح هذا الباب أبداً ولا يحملكما على عاتقه كما لم يزل يفعل بكما»(64).

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): «قبضت فاطمة (عليها السلام) في جمادى الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه سنة إحدى عشرة من الهجرة وكان سبب وفاتها أن قنفذا مولى فلان لكزها بنعل السيف بأمره فأسقطت محسنا ومرضت من ذلك مرضاً شديداً ولم تدع أحداً ممن آذاها أن يدخل عليها...»(65)، الحديث

هذا وقد أخبر رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بما يجري عليها من الظلم كما في (مستدرك الوسائل):

روي أنه دخل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يوماً على فاطمة (عليها السلام) فهيأت لـه طعاماً من تمر وقرص وسمن، فاجتمعوا على الأكل هو وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، فلما أكلوا سجد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وأطال سجوده ثم بكى ثم ضحك وجلس، فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله رأينا فيك اليوم ما لم نره قبل ذلك؟

فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إني لما أكلت معكم فرحت وسررت بسلامتكم، فسجدت لله تعالى شكراً، فهبط جبرئيل يقول: سجدتَ شكراً لفرحك بأهلك؟

فقلت: نعم.

فقال: ألا أخبرك بما يجري عليهم بعدك؟

فقلت: بلى يا أخي جبرئيل.

فقال: أما ابنتك فهي أول أهلك لحوقاً بك بعد أن تظلم ويؤخذ حقها وتمنع إرثها ويظلم بعلها ويكسر ضلعها، وأما ابن عمك فيظلم ويمنع حقه ويقتل، وأما الحسن فإنه يظلم ويمنع حقه ويقتل بالسم، وأما الحسين فإنه يظلم ويمنع حقه وتقتل عترته وتطؤه الخيول ويُنهب رحله وتُسبى نساؤه وذراريه ويدفن مرملاً بدمه ويدفنه الغرباء.

فبكيت وقلت: هل يزوره أحد؟

قال: يزوره الغرباء.

قلت: فما لمن زاره من الثواب؟

قال: يكتب لـه ثواب ألف حجة وألف عمرة كلها معك.

فضحكت(66).

ونقرأ في زيارة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) التي رواها السيد بن طاووس (رحمه الله) في كتاب إقبال الأعمال:

«السلام عليك أيتها المعصومة المظلومة.

السلام عليك أيتها الطاهرة المطهرة.

السلام عليك أيتها المضطهدة المغصوبة...

اللهم صل على محمد وأهل بيته.

وصل على البتول الطاهرة

الصديقة المعصومة.

التقية النقية.

الرضية المرضية.

الزكية الرشيدة.

المظلومة المقهورة.

المغصوبة حقها.

الممنوعة إرثها.

المكسور ضلعها.

المظلوم بعلها.

المقتول ولدها.

فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)»(67).

ما أحسن هذا

عن أسماء بنت عميس أنّ فاطمة (سلام الله عليها)، قالت لها: إنّي قد استقبحت ما يصنع بالنساء، إنّه يطرح على المرأة الثوب فيصفها لمن رأى.

فقلت: يا بنت رسول الله أنا أصنع لك شيئاً رأيته بأرض الحبشة.

قالت: فدعوت بجريدة رطبة فحبستها ثم طرحت عليها ثوباً.

فقالت: فاطمة (سلام الله عليها): ما أحسن هذا وأجمله لا تعرف به المرأة من الرجل، فإذا متّ فاغسليني أنت، فلمّا ماتت (عليها السلام) غسّلها علي (عليه السلام) وأسماء(68).

تغسيل الطاهرة

عن المفضّل قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): من غسّل فاطمة(عليها السلام)؟

قال: «ذاك أمير المؤمنين(عليه السلام)».

وكأنّي استعظمت ذلك من قوله، فقال: «كأنّك ضقت بما أخبرتك به»؟.

قال: فقلت: قد كان ذلك، جعلت فداك.

قال: فقال: «لا تضيّقنّ فإنّها صدّيقة، ولم يكن يغسلها إلاّ الصدّيق، أما علمت أنّ مريم لم يغسلها إلاّ عيسى (عليه السلام)»(69).

وعن اُمّ سلمى، قالت: اشتكت فاطمة (سلام الله عليها) شكواها التي قُبضت فيها، وكنت أمرضها فأصبحت يوماً أسكن ما كانت، فخرج علي (عليه السلام) إلى بعض حوائجه فقالت: يا أمة اسكبي لي غسلاً، فسكبت لها غسلاً، فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل، فقالت: اسكبي لي غسلاً فسكبت فقامت واغتسلت أحسن ما يكون من الغسل ثمّ لبست أثوابها الجدد، ثمّ قالت: افرشي فراشي وسط البيت، ثمّ استقبلت القبلة ونامت وقالت: إنّي مقبوضة وقد اغتسلت، فلا يكشفني أحد، ثمّ وضعت خدّها على يدها وماتت.

وقالت أسماء بنت عميس: أوصت إليّ فاطمة (عليها السلام) أن لا يغسلها إذا ماتت إلاّ أنا وعلي، فأعنت علياً على غسلها (عليها السلام)(70).

الدفن ليلاً

عن أبي عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام) ، قال: «لمّا قبضت فاطمة (عليها السلام)، دفنها أمير المؤمنين (عليه السلام) سرّاً، وعفّا على موضع قبرها، ثمّ قام فحوّل وجهه إلى قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال:

السلام عليك يا رسول الله، عنّي والسلام عليك عن ابنتك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك، والمختار الله لها سرعة اللحاق بك، قلّ يا رسول الله عن صفيّتك صبري، وعفا عن سيّدة نساء العالمين تجلّدي، إلاّ أنّ لي في التأسّي بسنّتك في فرقتك موضع تعزّ، فلقد وسّدتك في ملحودة قبرك، وفاضت نفسك بين نحري وصدري، بلى وفي كتاب الله لي أنعمُ القبول {إنّا لله وإنّا إليه راجعون}(71)، قد استرجعت الوديعة، واُخذت الرهينة، واُخلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله، أمّا حزني فسرمد، وأمّا ليلي فمسهّد، وهمٌّ لا يبرح من قلبي، أو يختار الله لي دارك التي أنت فيها مُقيم، كَمَدٌ مقيّح، وهمٌّ مهيّج، سرعان ما فرّق بيننا، وإلى الله أشكو، وستنبئك ابنتك بتظافر اُمّتك على هضمها، فأحفها(72) السؤال، واستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج(73) بصدرها لم تجد إلى بثّه سبيلاً، وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين، سلام مودِّع لا قالٍ ولا سئم، فإن أنصرف فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين، واهَ واهاً والصبر أيمن وأجمل، ولولا غلبة المستولين لجعلت المقام واللّبث لزاماً معكوفاً، ولأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزية، فبعين الله تدفن ابنتك سرّاً، وتهضم حقّها، وتمنع إرثها، ولم يتباعد العهد! ولم يخلق منك الذكر! وإلى الله يا رسول الله المشتكى، وفيك يا رسول الله أحسن العزاء، صلّى الله عليك وعليها السلام والرضوان»(74).

تظلّم السيّدة الزهراء (عليها السلام)

إن الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السلام) قد ظلمها القوم فأصبحت هي وذريتها مظلومة بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)وستقف يوم المحشر وتشتكي إلى الله ـ فهو المشتكى ـ قبال ظالميها وظالمي ذريتها الأطهار (عليهم السلام)، حيث إنها (عليها السلام) تطلب في ساحة المحشر من الباري تعالى أن يأخذ بثأرها وثأر ذريتها المظلومين المشرّدين عن أوطانهم والمقتولين ظلماً وجوراً.

فعن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «تحشر ابنتي فاطمة (عليها السلام) يوم القيامة ومعها ثياب مصبوغة بالدماء تتعلّق بقائمة من قوائم العرش تقول: يا أحكم الحاكمين اُحكم بيني وبين قاتل ولدي، قال علي بن أبي طالب(عليه السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ويحكم لابنتي فاطمة وربّ الكعبة»(75).

وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إذا كان يوم القيامة تقبل ابنتي فاطمة على ناقة من نوق الجنة مدبجة الجنبين، خطمها(76) من لؤلؤ رطب، قوائمها من الزمرد الأخضر، ذنبها من المسك الأذفر، عيناها ياقوتتان حمراوان، عليها قبة من نور، يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، داخلها عفو الله، وخارجها رحمة الله، على رأسها تاج من نور، للتاج سبعون ركناً، كل ركن مرصّع بالدر والياقوت، يضيء كما يضيء الكوكب الدرّي في اُفق السماء، وعن يمينها سبعون ألف ملك، وعن شمالها سبعون ألف ملك، وجبرئيل آخذ بخطام الناقة ينادي بأعلى صوته: غضّوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلا يبقى يومئذ نبيّ ولا رسول ولا صدّيق ولا شهيد إلاّ غضّوا أبصارهم حتى تجوز فاطمة، فتسير حتى تحاذي عرش ربّها جلّ جلاله فتزج(77) بنفسها عن ناقتها وتقول: إلهي وسيدي اُحكم بيني وبين من ظلمني، اللهم اُحكم بيني وبين من قتل ولدي، فإذا النداء من قبل الله جلّ جلاله: يا حبيبتي وابنة حبيبي سليني تعطى واشفعي تشفعي فوعزّتي وجلالي لا جازني ظلم ظالم فتقول: إلهي وسيدي ذريتي وشيعتي وشيعة ذريتي ومحبي ومحبي ذريتي، فإذا النداء من قبل الله جلّ جلاله أين ذرية فاطمة وشيعتها ومحبوها ومحبوا ذريتها؟ فيقبلون وقد أحاط بهم ملائكة الرحمة فتقدمهم فاطمة (عليها السلام) حتى تدخلهم الجنة»(78).

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ثم أمر منادياً فنادى غضّوا أبصاركم ونكّسوا رؤوسكم حتى تجوز فاطمة ابنة محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)الصراط، قال: فتغضّ الخلائق أبصارهم فتأتي فاطمة (عليها السلام) على نجيب(79) من نجب الجنة يشيّعها سبعون ألف ملك، فتقف موقفاً شريفاً من مواقف القيامة، ثم تنزل عن نجيبها فتأخذ قميص الحسين بن علي (عليه السلام) بيدها مضمّخاً بدمه وتقول: يا رب هذا قميص ولدي وقد علمت ما صنع به، فيأتيها النداء من قبل الله عزّوجلّ: يا فاطمة لك عندي الرضا، فتقول: يا رب انتصر لي من قاتله، فيأمر الله تعالى عنقاً(80) من النار فتخرج من جهنم فتلتقط قتلة الحسين بن علي (عليه السلام) كما يلتقط الطير الحب ثم يعود العنق بهم إلى النار فيعذّبون فيها بأنواع العذاب، ثم تركب فاطمة (عليها السلام) نجيبها حتى تدخل الجنة ومعها الملائكة المشيّعون لها وذريتها بين يديها وأولياؤهم من الناس عن يمينها وشمالها»(81).

فاطمة (عليها السلام) يوم المحشر

كثيرة هي الروايات التي تتحدّث عن أهوال يوم المحشر وحالاته الصعبة التي يخشاها أولياء الله فضلاً عن الناس العاديين من العصاة وغيرهم.

إن في ذلك العالم وبينما ينشغل الناس بأنفسهم لعظم ما يطلعون عليه من الهول يعرف الناس قدر أهل البيت (عليهم السلام)ومدى قداستهم وارتفاع مكانتهم عند الله تبارك وتعالى وخاصة الصدّيقة الزهراء (عليها السلام) التي تقف عند باب الجنّة وتنادى: يا ربّ خلّص شيعتي.

فعن ابن عباس أنه قال: سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: «دخل رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ذات يوم على فاطمة (عليها السلام) وهي حزينة، فقال لها: ما حزنك يا بنية؟

قالت: يا أبة ذكرت المحشر ووقوف الناس عراة يوم القيامة.

قال: يا بنية إنه ليوم عظيم ولكن قد أخبرني جبرئيل (عليه السلام) عن الله عزّوجلّ أنه قال: أوّل من تنشق عنه الأرض يوم القيامة أنا، ثم أبي إبراهيم، ثم بعلك علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ثم يبعث الله إليك جبرئيل في سبعين ألف ملك فيضرب على قبرك سبع قباب من نور، ثم يأتيك إسرافيل بثلاث حلل من نور فيقف عند رأسك فيناديك: يا فاطمة ابنة محمد قومي إلى محشرك، فتقومين آمنة روعتك، مستورة عورتك، فيناولك إسرافيل الحلل فتلبسينها، ويأتيك روفائيل بنجيبة من نور، زمامها من لؤلؤ رطب، عليها محفّة من ذهب فتركبينها، ويقود روفائيل بزمامها وبين يديك سبعون ألف ملك بأيديهم ألوية التسبيح، وإذا جدّ بك السير استقبلتك سبعون ألف حوراء يستبشرون بالنظر إليك، بيد كل واحدة منهن مجمرة من نور يسطع منها ريح العود من غير نار، وعليهنّ أكاليل الجوهر مرصّع بالزبرجد الأخضر، فيسرن عن يمينك.

فإذا مثل الذي سرت من قبرك إلى أن لقيتك استقبلتك مريم بنت عمران في مثل من معك من الحور فتسلّم عليك وتسير هي ومن معها عن يسارك، ثم استقبلتك اُمّك خديجة بنت خويلد (عليها السلام) أول المؤمنات بالله ورسوله ومعها سبعون ألف ملك بأيديهم ألوية التكبير، فإذا قربت من الجمع استقبلتك حواء في سبعين ألف حوراء ومعها آسية بنت مزاحم فتسير هي ومن معها معك، فإذا توسطت الجمع وذلك أنّ الله يجمع الخلائق في صعيد واحد فيستوي بهم الأقدام ثم ينادي مناد من تحت العرش يسمع الخلائق: غضّوا أبصاركم حتى تجوز فاطمة الصدّيقة ابنة محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)ومن معها، فلا ينظر إليك يومئذ إلاّ إبراهيم خليل الرحمن (صلّى الله عليه) وعلي بن أبي طالب (عليها السلام)، ويطلب آدم حواء فيراها مع اُمّك خديجة أمامك.

ثم ينصب لك منبر من نور فيه سبع مراق بين المرقاة إلى المرقاة صفوف الملائكة بأيديهم ألوية النور وتصطف الحور العين عن يمين المنبر وعن يساره، وأقرب النساء منك عن يسارك حواء وآسية بنت مزاحم، فإذا صرت في أعلى المنبر أتاك جبرئيل (عليه السلام) فيقول لك: يا فاطمة سلي حاجتك.

فتقولين: يا ربّ أرني الحسن والحسين.

فيأتيانك وأوداج الحسين تشخب دماً وهو يقول: يا ربّ خذ لي اليوم حقّي ممّن ظلمني، فيغضب عند ذلك الجليل ويغضب لغضبه جهنّم والملائكة أجمعون، فتزفر جهنّم عند ذلك زفرة ثم يخرج فوج من النار فيلتقط قتلة الحسين وأبناءهم وأبناء أبنائهم ويقولون: يا ربّ إنّا لم نحضر الحسين (عليه السلام)، فيقول الله لزبانية جهنّم: خذوهم بسيماهم بزرقة الأعين وسواد الوجوه، خذوا بنواصيهم فألقوهم في الدرك الأسفل من النار فإنّهم كانوا أشدّ على أولياء الحسين من آبائهم الذين حاربوا الحسين (عليه السلام) فقتلوه، فيسمع شهيقهم في جهنّم.

ثم يقول جبرئيل (عليه السلام): يا فاطمة، سلي حاجتك.

فتقولين: يا ربّ شيعتي.

فيقول الله: قد غفرت لهم.

فتقولين: يا ربّ شيعة ولدي.

فيقول الله: قد غفرت لهم.

فتقولين: يا ربّ شيعة شيعتي.

فيقول الله: انطلقي، فمن اعتصم بك فهو معك في الجنّة.

فعند ذلك يودّ الخلائق أنّهم كانوا فاطميين، فتسيرين ومعك شيعتك وشيعة ولدك وشيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) آمنة روعاتهم مستورة عوراتهم قد ذهبت عنهم الشدائد وسهلت لهم الموارد، يخاف الناس وهم لا يخافون، ويظمأ الناس وهم لا يظمئون، فإذا بلغت باب الجنّة تلقّتك اثنا عشر ألف حوراء لم يلتقين أحداً كان قبلك ولا يلتقين أحداً كان بعدك، بأيديهم حراب من نور على نجائب من نور، رحائلها من الذهب الأصفر والياقوت، أزمتها من لؤلؤ رطب، على كل نجيبة نمرقة من سندس منضود، فإذا دخلت الجنّة تباشر بك أهلها ووضع لشيعتك موائد من جوهر على أعمدة من نور فيأكلون منها والناس في الحساب وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون.

فإذا استقرّ أولياء الله في الجنّة زارك آدم (عليه السلام) ومن دونه من النبيين(عليهم السلام)، وإنّ في بطنان الفردوس للؤلؤتان من عرق واحد لؤلؤة بيضاء ولؤلؤة صفراء فيها قصور ودور في كل واحدة سبعون ألف دار، البيضاء منازل لنا ولشيعتنا، والصفراء منازل لإبراهيم (عليه السلام) وآل إبراهيم.

قالت: يا أبة فما كنت أحبّ أن أرى يومك وأبقى بعدك.

قال: يا بنيّة لقد أخبرني جبرئيل (عليه السلام) عن الله أنّك أول من يلحقني من أهل بيتي، فالويل كلّه لمن ظلمك والفوز العظيم لمن نصرك.

قال عطاء: وكان ابن عباس إذا ذكر هذا الحديث تلا هذه الآية: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ((82)،(83).

من بركات محبّة الزهراء (عليها السلام)

إنّ الأئمّة الأطهار(عليهم السلام)لا يتخلّون عن مواليهم ومحبّيهم في أهوال يوم القيامة وشدائدها، خاصّة الصدّيقة الزهراء (عليها السلام)، فإنها تشفع عند الله عزوجل لمواليها ومحبّيها، وقد تظافرت الروايات بذلك:

عن ابن عباس قال: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)كان جالساً ذات يوم وعنده علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، فقال: (رحمه الله)اللهمّ إنّك تعلم أنّ هؤلاء أهل بيتي وأكرم الناس عليّ فأحبّ من أحبّهم وأبغض من أبغضهم، ووال من والاهم وعاد من عاداهم، وأعن من أعانهم، واجعلهم مطهّرين من كل رجس، معصومين من كل ذنب، وأيّدهم بروح القدس منك(.

ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم): (رحمه الله)يا علي أنت إمام اُمّتي وخليفتي عليها بعدي وأنت قائد المؤمنين إلى الجنة، وكأني أنظر إلى ابنتي فاطمة قد أقبلت يوم القيامة على نجيب(84) من نور عن يمينها سبعون ألف ملك، وعن يسارها سبعون ألف ملك، وبين يديها سبعون ألف ملك، وخلفها سبعون ألف ملك، تقود مؤمنات اُمّتي إلى الجنة، فأيّما امرأة صلّت في اليوم والليلة خمس صلوات وصامت شهر رمضان وحجّت بيت الله الحرام وزكّت مالها وأطاعت زوجها ووالت علياً بعدي دخلت الجنة بشفاعة ابنتي فاطمة، وإنها لسيدة نساء العالمين».

فقيل: يا رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، أهي سيدة لنساء عالمها؟

فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): «ذاك لمريم بنت عمران، فأمّا ابنتي فاطمة، فهي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وإنها لتقوم في محرابها فيسلّم عليها سبعون ألف ملك من الملائكة المقرّبين وينادونها بما نادت به الملائكة مريم فيقولون: يا فاطمة إنّ الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين».

ثم التفت(صلى الله عليه وآله وسلم)إلى علي (عليه السلام) فقال: «يا علي إنّ فاطمة بضعة منّي وهي نور عيني وثمرة فؤادي يسوءني ما ساءها ويسّرني ما سرّها، وإنها أول من يلحقني من أهل بيتي فأحسن إليها بعدي، وأمّا الحسن والحسين فهما ابناي وريحانتاي وهما سيدا شباب أهل الجنة فليكرما عليك كسمعك وبصرك».

ثم رفع(صلى الله عليه وآله وسلم)يده إلى السماء فقال: «اللهم إني اُشهدك أني محب لمن أحبهم ومبغض لمن أبغضهم وسلم لمن سالمهم وحرب لمن حاربهم وعدو لمن عاداهم وولي لمن والاهم»(85).

فاطمة (عليها السلام) المظلومة

إنّ الصدّيقة فاطمة الزهراء (عليها السلام) عاشت بعد أبيها مظلومة، واستشهدت مظلومة، وهي ما زالت مظلومة إلى يوم يبعثون …

فبالرغم من تضافر الروايات على قداستها وعلو مقامها عند الله تعالى إلاّ أنّ الكثيرين لا يعرفون عن ذلك شيئاً.

فهي (صلوات الله عليها) مجهولة قدرا ومهضومة حقا.

نعم، إنّ الخلق ـ وكما في الحديث الشريف ـ قد فطموا عن معرفتها، ولكن هذا لا يعني أن لا يبحث المحبّون والموالون عن فضائلها ويطالعون مناقبها الكثيرة التي تكشف لهم الشيء القليل من عظمة قدرها المجهول.

فهذا سلمان المحمدي على عظم جلالته وارتفاع مقامه يتوسّل برسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ويلحّ عليه أن يخبره بشيء من فضائلها (سلام الله عليها).

يقول أبو ذر (رحمه الله): رأيت سلمان وبلالاً يقبلان إلى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)إذا انكب سلمان على قدم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)يقبّلها فزجره النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)عن ذلك ثم قال له: «يا سلمان لا تصنع بي ما تصنع الأعاجم بملوكها، أنا عبد من عبيد الله آكل مما يأكل العبد وأقعد كما يقعد العبد».

فقال سلمان: يا مولاي سألتك بالله إلاّ أخبرتني بفضل فاطمة (عليها السلام) يوم القيامة.

قال: فأقبل النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)ضاحكاً مستبشراً ثم قال: «والذي نفسي بيده إنها الجارية التي تجوز في عرصة القيامة على ناقة رأسها من خشية الله، وعيناها من نور الله، وحطامها من جلال الله، وعنقها من بهاء الله، وسنامها من رضوان الله، وذنبها من قدس الله، وقوائمها من مجد الله، إن مشت سبّحت، وإن رغت قدّست، عليها هودج من نور، فيه جارية إنسية حورية عزيزة جمعت فخلقت وصنعت ومثلت مِن ثلاثة أصناف، فأولها من مسك أذفر وأوسطها من العنبر الأشهب وآخرها من الزعفران الأحمر، عجنت بماء الحيوان، لو تفلت تفلة في سبعة أبحر مالحة لعذبت، ولو أخرجت ظفر خنصرها إلى دار الدنيا يغشي الشمس والقمر، جبرئيل عن يمينها وميكائيل عن شمالها وعلي أمامها والحسن والحسين وراءها والله يكلؤها ويحفظها، فيجوزون في عرصة القيامة فإذا النداء من قبل الله جلّ جلاله: معاشر الخلائق غضّوا أبصاركم ونكّسوا رؤوسكم هذه فاطمة بنت محمد نبيكم، زوجة علي إمامكم، اُمّ الحسن والحسين، فتجوز الصراط وعليها ريطتان(86) بيضاوان، فإذا دخلت الجنة ونظرت إلى ما أعدّ الله لها من الكرامة قرأت: «بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أذهب عنّا الحزن إنّ ربنا لغفور شكور الذي احلّنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب(87) ولا يمسّنا فيها لغوب(88)» قال: فيوحي الله عزّوجلّ إليها: يا فاطمة سليني أعطك وتمنّي عليّ أرضك، فتقول: إلهي أنت المنى وفوق المنى أسألك أن لا تعذّب محبّي ومحبّ عترتي بالنار، فيوحي الله إليها يا فاطمة وعزّتي وجلالي وارتفاع مكاني لقد آليت على نفسي من قبل أن أخلق السماوات والأرض بألفي عام أن لا اُعذّب محبّيك ومحبّي عترتك بالنار»(89).

وفي حديث آخر عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: «يبعث إليها ملكاً لم يبعث إلى أحد قبلها ولا يبعث إلى أحد بعدها فيقول: إنّ ربّك: يقرأ عليك السلام ويقول سليني أعطك.

فتقول: قد أنالني نعمته وهنّأني كرامته وأباحني جنته وفضلني على نساء خلقه، أسأله ولدي وذريتي ومن ودّهم بعدي وحفظهم بعدي.

فيوحي الله إلى الملك من غير أن يتحرك من مكانه: إني قد أعطيتها ما سألت في ولدها وذريتها ومن ودّهم بعدها وحفظهم فيها.

فتقول: الحمد لله الذي أقرّ عيني وأذهب عنّي الحزن»(90).

وعن جابر الأنصاري: أنه رأى النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)فاطمة وعليها كساء من أجلّة الإبل وهي تطحن بيديها وترضع ولدها، فدمعت عينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: «يا بنتاه تعجّلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة».

فقالت: «يا رسول الله الحمد لله على نعمائه والشكر لله على آلائه».

فأنزل الله (ولسوف يعطيك ربك فترضى((91)،(92).

أحببت أن يعرف قدري

يبدو من بعض الأخبار أنّ مجهولية قدر الصدّيقة الزهراء (عليها السلام) ستبقى إلى يوم المحشر ـ كما أشرنا إلى ذلك سابقاً ـ حيث يظهر الباري تعالى فضائلها (عليها السلام) أمام الملأ العام ويشير إلى مناقبها الجمّة، حتى يدرك العالم والجاهل مدى قداستها(عليها السلام) عند الله تعالى، وكيف أنها على جلالتها وعلو مقامها عاشت في الدنيا مجهولة القدر بل مظلومة.

فعن أبي عبد الله جعفر بن محمد (عليه السلام) قال: «قال جابر لأبي جعفر(عليه السلام): جعلت فداك يا بن رسول الله حدّثني بحديث في فضل جدّتك فاطمة (عليها السلام) إذا أنا حدّثت به الشيعة فرحوا بذلك.

قال أبو جعفر (عليه السلام): حدّثني أبي عن جدّي عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)قال: إذا كان يوم القيامة نصب للأنبياء والرسل منابر من نور فيكون منبري أعلى منابرهم يوم القيامة، ثم يقول الله: يا محمد اُخطب، فأخطب بخطبة لم يسمع أحد من الأنبياء والرسل بمثلها، ثم ينصب للأوصياء منابر من نور وينصب لوصيي علي بن أبي طالب (عليه السلام) في أوساطهم منبر من نور فيكون منبره أعلى منابرهم، ثم يقول الله: يا علي اُخطب فيخطب بخطبة لم يسمع أحد من الأوصياء بمثلها، ثم ينصب لأولاد الأنبياء والمرسلين منابر من نور فيكون لابني وسبطي وريحانتي أيام حياتي منبران من نور ثم يقال لهما: اخطبا فيخطبان بخطبتين لم يسمع أحد من أولاد الأنبياء والمرسلين بمثلها.

ثم ينادي المنادي وهو جبرئيل (عليه السلام): أين فاطمة بنت محمد؟

أين خديجة بنت خويلد؟

أين مريم بنت عمران؟

أين آسية بنت مزاحم؟

أين اُمّ كلثوم اُمّ يحيى بن زكريا؟

فيقمن، فيقول الله تبارك وتعالى: يا أهل الجمع لمن الكرم اليوم؟

فيقول: محمّد وعلى والحسن والحسين وفاطمة: لله الواحد القهّار.

فيقول الله جلّ جلاله: يا أهل الجمع إني قد جعلت الكرم لمحمد وعلي والحسن والحسين وفاطمة (عليهم السلام)، يا أهل الجمع طأطئوا الرؤوس وغضّوا الأبصار، فإنّ هذه فاطمة تسير إلى الجنة، فيأتيها جبرئيل بناقة من نوق الجنة، مدبجة(93) الجنبين، خطامها من اللؤلؤ المحقّق الرطب، عليها رحل من المرجان، فتناخ بين يديها فتركبها، فيبعث إليها مائة ألف ملك فيصيروا عن يمينها، ويبعث إليها مائة ألف ملك عن يسارها، ويبعث إليها مائة ألف ملك يحملونها على أجنحتهم حتى يصيّروها على باب الجنة.

فإذا صارت عند باب الجنة تلتفت.

فيقول الله: يا بنت حبيبي ما التفاتك وقد أمرت بك إلى جنتي؟

فتقول: يا رب أحببت أن يعرف قدري في مثل هذا اليوم.

فيقول الله: يا بنت حبيبي ارجعي فانظري من كان في قلبه حبّ لك أو لأحد من ذريتك خذي بيده فأدخليه الجنة.

قال أبو جعفر (عليه السلام): والله يا جابر إنها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبيها كما يلتقط الطير الحبّ الجيد من الحب الرديء.

فإذا صار شيعتها معها عند باب الجنة يلقي الله في قلوبهم أن يلتفتوا، فإذا التفتوا يقول الله: يا أحبائي ما التفاتكم وقد شفعت فيكم فاطمة (عليها السلام) بنت حبيبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟

فيقولون: يا رب أحببنا أن يعرف قدرنا في مثل هذا اليوم.

فيقول الله: يا أحبائي ارجعوا وانظروا من أحبكم لحب فاطمة، انظروا من أطعمكم لحب فاطمة، انظروا من كساكم لحب فاطمة، انظروا من سقاكم شربة في حب فاطمة، انظروا من ردّ عنكم غيبة في حب فاطمة، فخذوا بيده وأدخلوه الجنة.

قال أبو جعفر (عليه السلام): والله لا يبقى في الناس إلاّ شاك أو كافر أو منافق، فإذا صاروا بين الطبقات نادوا كما قال الله تعالى: (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ ( وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ((94)فيقولون (فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ((95).

قال أبو جعفر (عليه السلام): هيهات هيهات منعوا ما طلبوا (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ((96)،(97).

(1) مستدرك الوسائل: ج5 ص35 ب6 ح5302.

(2) تهذيب الأحكام: ج2 ص105 ب8 ح166.

(3) الكافي: ج2 ص533 باب القول عند الإصباح والإمساء ح34.

(4) وسائل الشيعة: ج6 ص442 ب8 ح8392.

(5) مَجلَت: أي خَشنت وثَخن جلدها وتعجّر وظهر فيها ما يشبه البثر، (لسان العرب) مادّة مجل.

(6) دَكنَت: أي اغبرّت، (مجمع البحرين) مادّة دكن.

(7) من لا يحضره الفقيه: ج1 ص32 ح947.

(8) الكافي: ج3 ص343 باب التعقيب بعد الصلاة والدعاء ح13.

(9) مستدرك الوسائل: ج5 ص34 ب6 ح5298.

(10) انفتل: انصرف، (لسان العرب) مادّة فَتل.

(11) السمل: الثوب الخلق، كتاب (العين) مادّة سمل.

(12) الرعيل أي: الجماعة، كتاب (العين) مادّة رَعل.

(13) بشارة المصطفى: ص137.

(14) الخشكنانج: معرّب من خشك نانك وهو خبز يعمل من دقيق البر ويعجن بزيت السمسم.

(15) مهج الدعوات: ص5.

(16) الجفنة: أعظم ما يكون من القصاع، (لسان العرب) مادّة جفن.

(17) سورة الحشر: 9.

(18) مستدرك الوسائل: ج7 ص214 باب استحباب الإيثار ح8073.

(19) جِزَّة: أي صوف الشاة، (لسان العرب) مادّة جزز.

(20) سورة الإنسان: 5 ـ 7.

(21) الصحفة: القصعة الكبيرة، (مجمع البحرين) مادّة صحف.

(22) سورة الإسراء: 44.

(23) سورة آل عمران: 37.

(24) تفسير فرات الكوفي: ص519 ح676.

(25) سورة الضحى: 4-5.

(26) من لا يحضره الفقيه: ج1 ص297 باب الأذان والإقامة وثواب المؤذّنين ح907.

(27) مناقب آل أبي طالب: ج1 ص242.

(28) مناقب آل أبي طالب: ج1 ص242.

(29) راجع كتاب عيون الأخبار: ج2 ص434.

(30) مناقب آل أبي طالب: ج1 ص242.

(31) للتفصيل انظر كتاب سليم بن قيس، وكتاب (الهجوم على بيت فاطمة).

(32) مستدرك الوسائل: ج14 ص183 باب استحباب حبس المرأة في بيتها ح16452.

(33) تقع في نهاية المجلد الخامس من كتاب (من فقه الزهراء (عليها السلام)).

(34) لفظت: رميت به، (مجمع البحرين) مادّة لفظ.

(35) عجمت: خبرت، (لسان العرب) مادّة عجم.

(36) الفلول: الجماعة، كتاب (العين) مادّة فلل.

(37) الخطل: المنطق الفاسد المضطرب، (لسان العرب) مادّة خطل.

(38) سورة المائدة: 80.

(39) هذا ما يقال في الدعاء على الإنسان وشتمه، (مجمع البحرين) وكتاب (العين) مادّة عقر.

(40) الزعزعة: تحريك الشيء لتقلعه وتزيله، كتاب (العين) مادّة زعع.

(41) سورة الزمر: 15.

(42) أي كأنّه السبع، (لسان العرب) مادّة نمر.

(43) اعتقل: امتسك، (لسان العرب) مادّة عقل.

(44) سجحاً: أي سهلاً، (مجمع البحرين) مادّة سجح.

(45) أي لا يكلّم غضباً، (لسان العرب) مادّة خشش.

(46) النمير: زاك، (لسان العرب) مادّة نمر.

(47) الفضفاض: الكثير، (لسان العرب) مادّة فضض.

(48) جانباه، (لسان العرب) مادّة ضفف.

(49) أي لا يكدر، (لسان العرب) مادّة رنق.

(50) سورة الأعراف: 96.

(51) سورة الزمر: 51.

(52) سورة الرعد: 5.

(53) سورة الحجّ: 13.

(54) سورة الكهف: 50.

(55) المعاطس: الاُنوف، (لسان العرب) مادّة عطس.

(56) سورة البقرة: 12.

(57) سورة يونس: 35.

(58) لقحت: حملت، (لسان العرب) مادّة لقح.

(59) ذعاف: قاتل وحي، (لسان العرب) مادّة ذعف.

(60) سورة هود: 28.

(61) الكافي: ج1 ص458 باب مولد الزهراء (عليها السلام) ح1.

(62) الكافي: ج4 ص561 باب اتيان المشاهد وقبور الشهداء ح3.

(63) مناقب آل أبي طالب: ج3 ص341.

(64) مناقب آل أبي طالب: ج3 ص362.

(65) انظر بحار الأنوار: ج43 ص170 ح11

(66) انظر مستدرك الوسائل: ج10 ص275-276 ب33 ح12007.

(67) بحار الأنوار: ج97 ص200 عن الإقبال.

(68) وسائل الشيعة: ج3 ص222 باب استحباب اتّخاذ النعش ح3459.

(69) الكافي: ج1 ص460 باب مولد الزهراء (عليها السلام) ح4.

(70) بحار الأنوار: ج43 ص184.

(71) سورة البقرة: 156.

(72) أي استقصها فيه تحكي لك ما صدر من المنافقين وأعداء الدين، (مجمع البحرين) مادّة حفا.

(73) أي كامن فيه لم تجد إلى بثّه سبيلاً، (مجمع البحرين) مادّة علج.

(74) الكافي: ج1 ص458 باب مولد الزهراء (عليها السلام) ح3.

(75) عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ج2 ص8.

(76) الخطم: أي الأنف، (لسان العرب) مادّة خطم.

(77) تزج: أي تسوقها سوقاً رفيقاً، (كتاب العين) مادّة زجو.

(78) الأمالي للصدوق: ص17 المجلس الخامس ح4.

(79) النجيب: من خيار الإبل، (لسان العرب) مادّة نجب.

(80) العنق: أي قطعة، (مجمع البحرين) مادّة عنق.

(81) الأمالي للمفيد: ص130 المجلس الخامس ح6.

(82) سورة الطور: 21.

(83) تفسير فرات الكوفي: ص444.

(84) النجيب: الفاضل من كل حيوان لسان العرب مادّة نجب.

(85) الأمالي للصدوق: ص486 المجلس الثالث والسبعون ح18.

(86) الريطة: ملاءة ليست بلفقين كلّها نسج واحد، كتاب (العين) مادّة ريط.

(87) نصب: تعب، (مجمع البحرين) مادّة نصب.

(88) لغوب: شدّة الإعياء، كتاب (العين) مادّة لغب.

(89) بحار الأنوار: ج27 ص139 ح144.

(90) تفسير فرات الكوفي: ص444.

(91) سورة الضحى: 5.

(92) مناقب آل أبي طالب: ج3 ص342.

(93) المدبجة: مزينة، (مجمع البيان) مادّة دبج.

(94) سورة الشعراء: 100 ـ 101.

(95) سورة الشعراء: 103.

(96) سورة الأنعام: 28.

(97) تفسير فرات الكوفي: ص298.

عودة